جوازة ابريل الجزء الأول نورهان محسن

موقع أيام نيوز

انهي ناس دي اللي عمالين بتتكلمو عليها!
وزعت نظراتها المستنكرة بينهما في نهاية عبارتها وبدت ملامحها ظاهريا عابسة ورقيقة وحزينة مع عقدة حواجبها فيما كان صوتها مرتفعا وقويا وثابتا.
أرادت أن تظل ملتزمة بموقفها حتى النهاية رغم أنها كانت ترتجف داخليا مثل ورقة شجر متهالكة ولكن يجب أن تكون قوية فهي على حق وهم على خطأ ولن يترتب على وضوح الضعف في قسمات وجهها شيء سوى الاستغلال منهم فهي الآن بمفردها بينهم لأول مرة منذ فترة طويلة تشعر بهذا الشعور البشع فالجميع ينسجون حولها شرنقة من خيوط الحرير يحاولون تقيدها بها بكامل إرادتها لذا لن تصرخ وتبكي وهي في وضع قوة ستتعامل مع الموقف بقلب بارد قوى حتى لو كانت ضعيفة القوة وتنازع فى أعماق روحها.
توترت نظرات سلمى وتجاهلت الإجابة على سؤالها متظاهرة بالاستياء إذ هتفت بإنفعال الكلام مابيكونش كدا في اصول بنمشي عليها .. ولا هو كان كلام عيال .. ما تتكلم يا فهمي وعقل بنتك!
قالت سلمي ذلك وهي تنظر إلى فهمي الذي قام من مكانه بعد أن تولى دور الاستماع لحديثهما لفترة قصيرة ولم يعجبه عناد ابنته وعدم مرونتها في الحديث معهم فاقترب منها بخطوات متمهلة وهو ينظر إليها بتعبيرات صارمة ليخبرها بنبرة حازمة وآمرة مفيش حاجة اسمها قررتي منك لنفسك كدا يا ابريل .. انسيلي حكاية السفر دا من دماغك خالص .. مفيش طلوع ليكي من البيت دا الا بإذني انا .. مفهوم
هدر فهمي بالكلمة الأخيرة بصوت عال إلى حد ما مشددا على كلماته وهو ينظر مباشرة إلى عينيها ليرى أن حدقة عينيها تضيقان دليل على أنها سمعت للتو شيئا لم يروق لها على الإطلاق ما كانت تخشاه دائما فكرة التقييد وفرض السيطرة على حياتها البائسة التي عانت كثيرا من أجل ترميمها وكل ما كانت تفكر فيه جدتها لتشعر بالأمان والطمأنينة التي زعزعها أقرب الناس إليها بتصرفاتهم المخيبة للآمال وفي حالة صدمة وجدت لسانها يهدر مندفعا بإنفعال مليء بالرفض يعني ايه!! هتحبسوني هنا بالعافية!
على الفور رفع فهمي حاجبيه ونظر إليها بنظرة غاضبة وصاح بصوت جدي محذر وهو يشير بإصبعه السبابة أمام وجهها كارها هذا الجدل والعناد في ردودها ابريل!! انا صبري له حدود .. كلام نهائي .. لا في سفر ولا خروج من البيت .. فرحك قرب .. ومصطفي مش عيل صغير عشان تصغريه و تصغرينا قدام الناس
نهضت إبريل من مكانها لتقف أمام والدها وأصبح تنفسها سريعا ومرتفعا لا إراديا وكلماتها نبعت من قلب مذعور مقهور لا يوجد من يسانده أو يساعده رغم أن نبرتها كانت متحشرجة تهدد بالبكاء انهي ناس دي!! انا مش صغيرة يا بابا ومش من حق حد يتحكم فيا ويقررلي مصير حياتي
استشاطت عيناه حنقا مما سمعه منها مم جعلها تجفل بقوة واستعمر الخۏف

قلبها أما وجهها كالصفحة البيضاء الشاحبة عاقدة ما بين حاجبيها تحاول كظم الألم من شدة قبضته وهو يردد بصوت عال صارم انتي اټجننتي بتعلي صوتك عليا
اضطربت دواخلها بشدة ونظرات المفاجأة تندلع من مقل عينيها الجميلتين فكانت هذه هي المرة الأولى التي تنفعل فيها بهذه الطريقة وترفع صوتها أمام والدها أو بالأحرى هى لم تتعامل معه إلا في نطاق محدود للغاية ودائما بكلمات نمطية لم تكن تعرف من أين حصلت على تلك الشجاعة والجراءة لتقول هذه الكلمات أمامه لكنها لم تستطع أن تبقى صامتة في مواجهة شيء يفرض عليها فهذا شيء لا يمكنها قبول حدوثه على الإطلاق.
أما سلمى كانت واقفة تشاهد ما يحدث بترقب وارتباك تنتظر الفرصة المناسبة للتحدث عندما رأت أنه سيفقد السيطرة على نفسه بسبب عنادها استغلت الموقف لتتدخل أخيرا مسرعة نحوه وأجبرته على تحريرها فيما خاطبته بقلق مبررة للآخرى سبب تصرفها العدائي.
ظلت تعابير فهمي المتجهمة كما هي ظاهريا لكنه أحس بوخز يستهدف أعماق عندما رأى نظرة الخذلان وخيبة الأمل القوية تغمر فيروزيتيها المتلألئة بالدموع أكثر بكثير من الخۏف منه لكنه تجاهل هذا الشعور وحدجها بنفس النظرة التي تدل على نفاد صبره منها وخاطبها بلهجة مھددة اسمعي يا بنت الهام .. هتفضلي في اوضتك ومالكيش خروج منها .. مفهوم كلامي
زجرها في
تم نسخ الرابط