للعشق وجوه كثيرة نورهان العشري قيثارة الكلمات ج١
المحتويات
و فضلت الإنتصار المزيف الذي صوره لها قلبها المكسور فأخذت قرارها الذي تشعر بأنه كالحبل الذي التف حول رقبتها ما أن سمعت أصوات حولها بالغرفه تختتم الفاتحة فاتحه الطريق لهلاكها !
و لا الضالين آمين
ما أن انتهت العائلتين من قراءة الفاتحة حتى توالت التبريكات علي العروس غرام و عريسها الدكتور رامي الذي كان أكثر من سعيد بارتباطه بتلك الجنية الجميلة التي سړقت النوم من عينيه لحظة رآها و لا يعلم شيئا عن تلك الحړب الدائرة بداخلها و التي لا يدركها عنها أحد سوى شقيقتها ووالدتها التي كانت تعلم في قرارة نفسها بقرار ابنتها الخطأ فحاولت ثنيها بشتى الطرق عن ذلك الطريق الخطأ لتظل الأخيرة على قرارها لتتركها في نهاية الأمر تتحمل نتيجه قراراتها حتي أنها عندما اقتربت كارما منها قائله بحزن علي شقيقتها
أجابتها فاطمة بحزم
الموضوع دا اتقفل خلاص هي خدت قرارها و لازم تبقى قده و تتحمل نتايجه اللي بيشيل إربه مخرومه بتخر على دماغه يالا عشان نبارك لهم
اقتربت فاطمه بقلب يتألم لحال طفلتها و لكنها أبت أن تظهر شئ لټحتضنها متمتمه لها بكلمات المباركة فتفاجئت بابنتها تتشبث بها بقوة و كأنها طوق نجاتها مع سقوط بعض قطرات من الدموع من مقلتيها و كأن قلبها يشكو لوالدتها قائلا
ربتت فاطمه فوق شعر غرام و من دون النطق بشئ فإن لم تقدر أن تشارطها حزنها علنا فلتترك الأمر لقلبها عله يبثها بعضا من الهدوء و الأمان فطال العناق لدقائق حتي لاحظ جميعهم تشبث غرام بوالدتها ليتدخل علي بمزاح قائلا
إيه يا جماعة في ايه انتوا قلبتوها دراما ليه كدا دي يدوب قرايه فاتحه يعني قاعدة علي قلبنا لسه شويه كمان
دي دموع الفرح يا علي واضح إن عروستنا مش جميله اوي و بس لا دي كمان رقيقه و حساسه اوي
ارتفع حاجب علي تلقائيا قائلا ببلاهه
غرام اختي انا رقيقه و حساسة !
قصدك ايه مش عجباك و لا حاجه !
أخيها و تعود لها شخصيتها المشاغبه من جديد
لا طبعا هو انت في زيك يا ميمو ! دا انت اكتر حد جميل و حساس في الدنيا
تحدث علي بصدق محتضنا شقيقته بحب ليبارك لها خطبتها محاولا أن لا يلتفت لعقله الذي يخبره بأنه يوجد خطب ما بها مؤجلا النقاش في الأمر لحين آخر
تحدث والد رامي ليجيبه علي موافقا فخرج الجميع تاركين العروسان بمفردهما حتي يتحدثان قليلا ولكنها قد سلكت درب الصمت خافضة رأسها تتمني لو أنه يمكنها أن تطلق قدميها للريح لتحملها خارج الغرفه تاركه ذلك الخطيب المزعوم يحادث نفسه ولكنه قاطع أفكارها مقتربا
غرام
نعم
أجابته غرام بإقتضاب ليتجاهل نبرتها قائلا بهدوء
هتفضلي ساكته و باصه في الأرض كدا
كتير
عايزني أعمل ايه
تحدثت غرام بنفس لهجتها المقتضبة ناظرة إلى الأمام تتحاشى أن تتقاطع أعينهم بنظرة ما ليسألها بلهجة ودودة
طب مش عايزة تسأليني عن أي حاجه
لا
إجابتها كانت مقتضبة و مختصرة و لكن ذلك لم يشبع فضوله أو يردعه عن محادثتها و حاول تجاهل عقله
و رد حديثها المقتضب إلى خجلها
طب ينفع أنا أسألك
اتفضل
أنت وافقتي عليا ليه
أصابها سؤاله في الصميم لكون إجابة هذا السؤال هي بحد ذاتها کاړثة حتي أن عقلها لم يسعفها في إيجاد أي رد على سؤاله ليطول صمتها كثيرا فقطع رامي هذا الصمت حين هب واقفا و هو يغلق زر حلته التي بدا فيها في أبهى صوره قائلا بلهجة هادئة
مش هضغط عليك دلوقتي و هسيبك تفكري من هنا ليوم الخطوبه يا غرام و اتمنى اسمع الجواب من قلبك و تكوني مقتنعه بيه عن إذنك
خرج رامي تاركا ورائه قلبا مهشم و روح محترقه لا تدري في أي هوة سحيقة قد أوقعت نفسها فهاهي أصرت على قرارها و لم تحسب حساب لتلك اللحظة و لا لألم قلبها الذي يخبرها بأن تركض خلفه توقفه لتعتذر منه آلاف المرات عن غبائها و إقحامها له في دائرة إنتقام لعينه لا شأن له بها
اتقنت كاميليا وضع زينتها البسيطة على وجهها لتبدو آية في الجمال و الفتنة بذلك الشعر الذهبي الذي جعدته قليلا و تركته حرا على كتفيها ممتدا لأسفل ظهرها يتمايل حولها برشاقة و سحر يجبر كل من يراه على الانبهار بمظهره و ذلك القميص البسيط باللون الأخضر الباهت فسدقي بنصف أكمام يتوسطها حزام من المنتصف و بنطال من الجينز الذي يحتويها بدلال ليبيين مدي رشاقتها و جمالها
نظرت إلى المرآة برضا فهي قد أعلنت التحدي على هواء و التمرد على عشقها له وليكن هذا عقاپا على امتناعه عن اخبارها ما دار بينه و بين تلك الأفعى لتعلن الحړب الباردة بعد ما أطمئن قلبها قليلا عندما أخبرها بأنها الإستثناء الوحيد بحياته
و بالرغم من أن كلماته قد الټفت حول جدران قلبها المهترئة من فرط الۏجع لترممها كما لو أنها لم ټجرح من قبل و لكنها أبت التسليم أمام سحر حضوره الذي يذيبها عشقا و تلك النظرات الشغوفة التي كان يرمقها بها من حين لآخر عندما يجتمعان في مكان فقد كان يفتعل الإنشغال بأعماله عنها طوال الأيام الماضيه أو هكذا ظنت لتقرر هي الآخرين تجاهله ولكن على طريقتها
خرجت من غرفتها و ما أن لمحته قادم من الأسفل حتى تظاهرت بالحديث في الهاتف بيد و باليد الأخرى آخذت تعبث بإحدى خصلاتها في غنج غير مفتعل فمرت بجانبه رافعة إحدى حاجبيها كتحية عابرة له وما أن تجاوزته حتى ضړبت بجانب شعرها ليتطاير خلفها للحد الذي لامست أطرافه ملامح وجهه لتصيبه بلعڼة الإشتياق الذي كان يعاني الأمرين في إخمادها فيجتاح داخله بحريق هائل جراء مرورها بجانبه و تتغلغل رائحة شعرها إلى رئتيه التي غمرتها نشوة العشق تأثرا بتلك الملامسة البسيطة فتلك المرأة تمتلك من السحر ما يجعله أسير لكل إنش بها لدرجه جعلته يتبعها للأسفل دون وعي منه فكل ما يريده الآن أن يروي ظمأ قلبه من شهدها و يشعر بها بين طيات قلبه فلا طاقه له بالبعد أكثر من ذلك و ما أن هم بالنزول حتي وجد مازن يدخل من باب القصر ليخرجه من حالة السكر اللذيذة التي أدخلته إليها ساحرته الصغيرة عندما هتف ليناديه
يوسف يوسف
كرر مازن ندائه أكثر من مرة حتى أنه اضطر لرفع صوته حتى يجذب إنتباهه ولكن قلبه كان يأخذه رغما عنه كالمغيب خلفها
استفاق من سحر طوقته به امرأة جعلته يدمن الهواء الذي تتنفسه ليرد علي صديقه بنفاذ صبر
نعم
نعم الله عليك بقالي ساعه بنادي عليك وانت ولا انت هنا !
تحدث مازن بسخريه ليقترب منه يوسف موبخا
ما خلاص يا زفت انا قدامك اهوة عايز ايه
أبدا يا عمنا عايزك تجهز نفسك آخر الأسبوع عشان خطوبتي علي كارما
تحدث مازن بسعادة ليتفاجأ يوسف من حديثه قائلا
خطوبة على طول كدا مش لما نروح نتفق و نقرأ الفاتحه الأول
أجابه مازن بنفاذ صبر
لا بقولك ايه انا قارئ فتحتها من وهي لسه في اللفه مش لسه هستني الأفلام
دي كلها مش كفايه علي الواطي مرديش يخليها خطوبه وكتب كتاب و قالي لا نلبس دبل الأول و بعدين كتب الكتاب بعد ما تخلص امتحانات
تعالت ضحكات السخرية من فم يوسف على سخط مازن الواضح على ملامحه ليقول باستفزاز
تصدق الواد علي دا بيفهم طب و ايه وجهه نظرة من التأجيل دا
أجابه مازن مغلولا
أيوا ياخويا اضحك اضحك ما أنت كاتب كتابك و المزة عايشه معاك
في البيت و زمانك خاربها
قاطعه يوسف بسخط
بس ياد انت هتقر عليا و أنا أقول المصاېب اللي بتجرالي دي كلها من ايه اتاريها عنيك اللي راشقه في حياتي أنجز قول علي أجلها ليه
أجاب مازن بحنق
قال ايه عشان معطلهاش عن مذاكرتها ! على أساس إني مش هكلمها و اقابلها و مش بعيد اتغرغر بيها كمان
يخربيتك ياد دا أنت واقع ربنا يستر و متجبيلناش مصېبه
تحدث يوسف بمزاح ليجيبه مازن مؤكدا
بس متقاطعش المصېبة جايه جايه المهم باقي العيله فين عشان اقولهم يلحقوا يجهزوا نفسهم
هتلاقيهم في الصالون اكيد كلهم متجمعين أصلا معاد العشا مفضلش عليه كتير يلا عشان نتعشى كلنا سوى
دخل كلا من مازن و يوسف إلى الصالون ليجدوا الجميع متواجد والأحاديث الجانبيه دائرة بين كلا من روفان و كاميليا التي ما إن لمحته قادما حتى تسارعت دقات قلبها خاصة عندما التقت شعلتيها بزقاوتيه ليجري بينهم ذلك التيار الكهربائى و الصراع الأزلي بين حرارة النيران و برودة المياه ليجلس هو على الكرسي المقابل لها بعد أن ألقي التحية دون أن تحيد عيناه عنها و لكن نظراته بدت لها غامضه كثيرا فلم تفهم اهي ڠضب أم إعجاب أم لهفه ام إشتياق
لم تكن تدري بأن نظراته لها تحمل كل هذه المتناقضات فهو برغم غضبه منها لتجاهله إلا أنه لا ينكر إعجابه و لهفته واشتياقه لها أيضا و لكنه كالعادة لا يظهر أمامها إلا القليل مما يدور بداخله
قاطع مازن سيل أفكارها عندما تحدث قائلا
إن شاء الله خطوبتي يوم الجمعه على كارما يا جماعه و هكون مبسوط لو كنتو موجودين معايا
طبعا طبعا يا مازن لازم نكون معاك
اندفعت روفان التي كانت و كأنها تنتظر الفرصة التي تجمعها معه فهي منذ إعلان مازن لخبر خطبته و هي تنتظر الموعد بفارغ الصبر لتشاطرها الرأي كاميليا التي أرادت مشاكسه يوسف فنظرت إليه بتحد قائله
أنا طبعا لازم هكون موجودة
مازحتها صفيه قائله
كلنا هتكون موجودين يا بت ولا عشان العروسه بنت خالتك يعني محدش هيعرف يكلمك
قاطعتها روفان بحماس
عروستين يا ممتي مش واحده بس أصل غرام اخت كارما هي كمان هتتخطب في نفس اليوم و مش هتصدقي لمين
اجابتها صفيه مستفهمه
لمين يا أم لسانين
روفان بحماس
لدكتور رامي اللي كان بيتابع حالة كاميليا في المستشفى
ما أن أنهت روفان جملتها حتي انتفض الجميع علي صوت ذلك الټحطم القادم من الخلف
يتبع
من أصعب الأشياء في هذه الحياه هو أن يتساقط العمر من بين ثقوب القلب التي ولدتها أختياراتنا الخاطئه
نورهان العشري
قاد أدهم سيارته بسرعة چنونية توحي لمن يمر به بأن قائدها عازم على الإنتحار و لما لا وهو منذ ساعات قليلة
متابعة القراءة