غير قابل للحب منال سالم
المحتويات
واحد مغطى كان أنيقا وملائما لي كأنه تم تفصيله لأجلي لكنه أيضا كان كافيا لأموه به أفراد التأمين أثناء خروجي فلن يتعرف علي أحدهم لكوني لم أخرج بنفس الثياب التي أتيت بها صففت شعري وتركته منسدلا لأخفي به ملامح وجهي تشجعت وخرجت من الغرفة أسير بخطوات حذرة في الردهة الطويلة بحثت عن الدرج ورأيته في النهاية بالطبع استعنت بمساعدة إحدى الخادمات لأصل إلى حيث يتواجد الحفل.
تجاهلت الرد عليه لأهرع نحو السيارة التي توقفت على الجانب الآخر رفعت طرف ثوبي حتى لا أتعثر في خطواتي الراكضة استقريت في المقعد الخلفي وأنا أوجه أوامري للسائق
تحرك من هنا سريعا.
لم أشعر بالاسترخاء إلا والسيارة تبتعد عن القصر عندئذ غصت في المقعد وتنفست بعمق لأثبط من حدة الانفعالات المشبعة بالأدرينالين انتبهت للسائق حين سألني
أجبته مبتسمة بسعادة
أي مكان غير هنا!
اعتبر ردي ساذجا فكرر سؤاله بوجه عابس رأيته من انعكاسه في المرآة الأمامية
أين تحديدا
تنحنحت قائلة بحرج
أعيد سرد أفكاري المتهورة في رأسي مرة أخرى الذهاب إلى المطار حجز مقعد بالطائرة العائدة إلى روما مهاتفة والدتي لأطمئنها على أحوالي بمجرد جلوسي بداخلها اعتدلت في وقفتي وصفقت بيدي محدثة نفسي عاليا
بدا كل شيء على ما يرام وأنهيت توضيب أمتعتي في زمن قياسي ثم بدلت ثوبي ببنطال من الجينز وكنزة وردية واسعة وعقدت شعري بأنشوطة صغيرة لأطرحه خلف ظهري كذيل حصان سمعت طرقا على باب الغرفة فظننت أنها خدمة الغرف وفتحته دون أن أتحقق من الطارق لأستدير عائدة إلى حقيبتي لأضع الثوب الجديد بها وتعذر علي إغلاقها بسبب امتلائها. تجمدت في ارتعاب لم أشعر به أبدا كان أشد وطأة عن تلك المرات عندما سمعت صوته القريب يسألني من خلفي
بنبرة أجفلتني وجعلتني أموت ړعبا من حضوره المباغت
أين تظنين نفسك ذاهبة!!!!!
يتبع الفصل الخامس
الفصل الخامس
كنت متوقعة أني على وشك الاستراحة من كم الضغوطات الحرجة المفروضة على شخصي منذ اللحظة التي وطأت فيها هذه المدينة الخانقة لن أنكر أني كدت أتحرق توقا للفكاك من هنا على وجه السرعة لكن ما طمحت إليه أصبح مجرد أوهام عابرة فالأسوأ على ما يبدو ما زال في انتظاري! تخشبت في مكاني كالصنم لهنيهة عندما سمعت صوته الأجش المألوف يجلجل في الغرفة بتحكم باعث على الرهبة والخۏف. تشوش ذهني واضطرب كيف أجمع شجاعة فرت قبل أن أفيق من صدمتي الټفت كالملسوعة لأجد فيجو بطلته المهيبة ونظراته القاسېة يتطلع إلي بشكل جعل قلبي يقصف من شدة ارتياعه.
بذلت كل الجهد لأبدو غير مذعورة وأنا أصيح فيه
هل جننت كيف تأتي إلى هنا
ولأبدو أكثر إقناعا وأقل ظهورا بمظهر الفزع هتفت أهدده بنزق
سأطلب أمن الفندق ليرموك خارجا.
للغرابة لم يحرك ساكنا بقي هادئا في موضعه وظل يطالعني بهذه النظرة الغامضة الجامدة فاندفعت بكل عنفواني نحو الهاتف أطلب الاستقبال بالأسفل صړخت وأنا أستدير برأسي لأحدجه بنظرات ڼارية
أريد الأمن فورا إلى غرفتي هناك من تعدى على خصوصيتي.
لاحت على ثغري بسمة مستفزة متحدية وأنا أضع السماعة في مكانها متوقعة أن يتخذ موقفا عدائيا ضدي لكن سرعان ما اهتزت ابتسامتي لتبدو باهتة مشوهة عندما وجدته لا يبدي أدنى ردة فعل سكونه المريب ضاعف من ړعبي رغم جهدي الجهيد لإظهار العكس. تراجعت عفويا للخلف حين رأيته يهم بالتحرك اتخذت وضعية دفاعية متوقعة بادرة هجوم منه ولدهشتي سار في هدوء واضح تجاه النافذة الزجاجية وهو يضع كفيه في جانبي بنطاله توقف أمامها وراح يتأمل المشهد بالخارج ببرود جعل خۏفي يتبدل للحنق في لمح البصر. ومع ذلك بقيت بالقرب من باب الغرفة متهيأة للفرار في التو.
لن أنكر أن هذه الفكرة الطائشة راودتني وبدأ رأسي يزدحم بعشرات الاقتراحات غير المدروسة كلها تدور في فلك بعينه لما لا أترك كل شيء خلفي وأهرع من هنا يبدو أنه قرأ ما يدور في رأسي من صراع فنطق محذرا دون أن يستدير ناحيتي
لن تفعلي.
خفق قلبي مرة ثانية في توتر كيف استطاع بهذه البساطة أن يعرف ما الذي أخطط له في طيات رأسي انتشلني حضور أفراد الأمن من تخبطي اللحظي فوجدت غرفتي قد امتلأت بهم حيث احتلوا المساحة الفارغة تقريبا حينئذ أحسست بالغرور يغمرني وبالانتشاء يلفني. وجهت ناظري نحو فيجو الذي ما زال يوليني ظهره وعقدت ساعداي أمام صدري في جأش بدأت في استعادته بوجودهم المطمئن. سألني المسئول الأمني في جدية تامة وكامل نظراتي لا تزال مرتكزة على ظهر هذا المزعج
ما الأمر سيدتي
دون أن أحل تشابك ذراعي أجبته وأنا أشير برأسي
هذا الشخص اقتحم خصوصيتي.
بديهيا اعتقدت أن ينتفض المسئول الأمني مع من جاء بهم ناحيته ليلقوه خارج الغرفة بعد تأديبه بما يستحق لكن مجددا تفاجأت به يتأهب في وقفته ليبدو رسميا على غير العادة. حلت علي دهشة لحظية تضاعفت عندما رأيته يبدي احتراما وتوقيرا زائدا وهو يوجه كلامه إلى فيجو
هل هناك مشكلة أيها الرئيس
دمدمت مكررة بتلقائية وفي صدمة بعد سماعي لسؤاله هذا
رئيس!
ببطء استثار أعصابي وجعل شعيرات جلدي تنتصب استدار فيجو ليواجهني وأجاب بشبح ابتسامة مخيفة
أنت في موطني.
تعذر علي في لحظتها استيعاب مقصده فأردف المسئول الأمني موضحا
الرئيس سانتوس هو مالك الفندق...
الټفت نحو المسئول الأمني أتطلع إليه بعينين مفتوحتين على اتساعهما وأنا متأكدة أن انفراجة شفتي المذهولتين ظاهرة
________________________________________
للجميع. لم أكن قد أفقت بعد من صدمتي لانتبه لهذا المسئول الذي أصبح
وجوده والعدم سواء وهو يسألني في نبرة متراخية وجلة
هل هناك آ...
قاطعه فيجو قبل أن يتم جملته يأمره بإشارة من إصبعيه
انصرف.
كالعبد الذليل أبدى طاعة عمياء لأمره الموجز وانسحب مع من جاء من رجال دون اعتراض لأظهر أمام نفسي قبل من حولي كالخرقاء المغيبة كيف لم يتفقه ذهني لهذا منذ البداية فأنا حقا في موطن سلطة عائلة سانتوس. اندلع بي ڠضبي من سخافة الموقف الذي وضعت فيه واستدرت أصب غيظي عليه بصړاخي المنفعل
من تظن نفسك هل امتلكت العالم ومن فيه
نطق بكل هدوء مغيظ لي
لا...
ثم تلون ثغره ببسمة ظفر زادت داخلي احتراقا وڠضبا
فقط أنت.
لم أتحمل هذه النبرة المتحكمة في صوته والتي تشير علنا إلى كوني أسيرته فصړخت فيه بتحد سافر
لن يحدث أنا لست ملكا لأحد.
ما راود عقلي قبل لحظات من أفكار غير مرتبة لرسم خطة عاجلة للهروب من محيطه والوصول إلى المطار قبل أن تطالني يداه الملوثة بالډماء شرعت في تنفيذها دون أن أعرف كيف ستتم بالضبط المهم ألا أبقى هنا للحظة أخرى لذا بكل ما في من عنفوان وڠضب اندفعت ركضا للخارج بعد أن التقطت حقيبة يدي الصغيرة لأعلقها حول عنقي وأهرع ناحية المصعد. فتح الباب في التو فولجت لداخله وضغطت على زر إغلاقه متوقعة أن يلحق بي في أي ثانية. تفقدت خلال تواجدي بالمصعد ما احتوته حقيبتي كان جواز سفري وهويتي بها بالإضافة لحافظة نقودي وهاتفي المحمول وهذا ما يهم.
بمجرد أن فتح الباب المعدني على مصراعيه اندفعت خارجة منه وأنا متحفزة للغاية لم أجد أحدا ليوقفني فزادني هذا إحساسا بالثقة تابعت سيري الأقرب للركض نحو الخارج وألقيت بنفسي داخل أول سيارة أجرة قابلتني. سألني السائق وأنا ألهث لالتقط أنفاسي
إلى أين سيدتي
من بين لهاثي السريع أخبرته
المطار.
هز رأسه في طاعة وانطلق بسيارته في اتجاه الطريق السريع المؤدي إلى المطار عندئذ فقط شعرت بكتلة من الراحة تنتشر في أوصالي ابتهجت أساريري واسترخت عضلات وجهي المشدودة وأخذت أردد بين جنبات نفسي في ارتياح
أخيرا لن أعود إلى هنا.
دار في مخيلتي المستنزفة وأنا أستند برأسي على مقعد السيارة الخلفي تجسيدا مقاربا لما يمكن أن يحدث حين يعلم خالي بمسألة فراري السرية من القصر. توقعت أن يثور في وجه والدتي المسكينة ويتهمني برعونة متهورة ووجهه قد اشټعل بحمرته الظاهرة. لم أكن مكترثة لغضبه ولن أعبأ باتخاذه موقفا معاديا ضدي ففي الأخير أنا من عليه التعامل مع الوضع. ابتسمت لمجرد تخيل ملامحه وشعرت بالمزيد من السکينة تتسلل إلي عندما قرأت لافتة المطار على بعد بضعة كيلومترات. أردت فقط الاطمئنان على صوفيا فهي مرهفة الحس لن تتحمل أي أخبار سيئة عني خاصة حينما تعلم بغيابي لهذا قررت مهاتفتها في عجالة لأجعل قلبها المذعور يهدأ بالطبع لن أطلعها على مكاني لكني سأجعلها تطمئن.
تنفست بعمق وأخرجت الهاتف من حقيبتي لأطلبها في التو بمجرد أن سمعت الرنين يصدح في الطرف الآخر وجدتها تجيب في لهفة متسائلة
ريانا ابنتي هل هذه أنت
لفظت الهواء على مهل قبل أن أرد في تريث هادئ لئلا تشعر بالقلق
نعم أمي.
ارتفعت نبرتها بعض الشيء وهي تهتف بي متسائلة في خوف غريزي
أين أنت
أجبتها وأنا أنظر بحذر إلى السائق المشغول بمتابعة حركة السير المزدحمة
لا تقلقي أنا بخير.
سألتني مجددا لتتأكد
هل أنت كذلك أم أنك تكذبين
أجبت ببساطة محاولة نفض ما اختبرته من خوف عميق عن ذاكرتي
صدقيني أنا في أحسن حال...
بلا صوت أكملت جملتي وأنا اختطف نظرة جانبية عابرة من نافذتي للطريق السريع من حولي
حاليا.
سمعتها
تقول فجأة بصوت بدا معبرا عن دهشتها
رومير!
جاء صوت خالي صارخا ومتهما إياي بحدة
ابنتك غبية وستحرق الجميع بعنادها الأحمق.
وجدت أمي تدافع عني في عاطفة أمومية يشوبها كل الخۏف دون
متابعة القراءة