غير قابل للحب منال سالم
المحتويات
على أحد رجاله ليأتي فامتثل له بانصياع تام
ما الأمر أيها الزعيم
أخبره بوضوح
أعد السيارات فزوجتي
ستذهب عند السيدة كاميلا.
أومأ برأسه قائلا
سمعا وطاعة.
أشار لي لأنهض فقمت بإرهاق من موضعي شعرت وقتها بنوع من الدوار عززت أسبابه لوقوفي المباغت فتأرجحت خطواتي في التو أقبل علي فيجو يسألني بقلق
هل أنت بخير
بدا وجهه ضبابيا مشوشا فحاولت التماسك ومقاومة إعيائي الغريب سألني في توجس أكبر
أجبت عليه وأنا أحاول الاستقامة
سأكون بخير.
سألني وهو يسحبني من يدي ليجلسني مرة ثانية في مكاني
هل تناولت شيئا
فركت جبيني وجاوبته
لا.
صاح بي في نبرة خشنة
أأنت حمقاء
انتقل من جواري نحو مكتبه رفع سماعة الهاتف وخاطب أحدهم بلهجته الآمرة
استدعي الطبيب مارتي واحضر لي طعاما ملائما.
اعترضت من مكاني بعبوس
رمقني بهذه النظرة الحادة قبل أن يخابر من على الهاتف
تعجل.
وضع السماعة في مكانها وعاد إلي ليجلس إلى جواري احتواني بنظراته المهتمة ليشرع بعدها في توبيخي بالمستهلك من العبارات فصممت أذني عنها ظل ماكثا معي وشاركني الطعام بدت هذه اللحظات رغم قصرها لطيفة وهانئة إلى أن جاء الطبيب مارتي فتحول للطبع الجامد المحافظ نهض من جواري ليفسح له المجال حتى يقوم بفحصي تعجبت من سحبه لعينة من دمائي تأوهت من الوخزة وسألته
أجاب الطبيب بهدوء
أنت لا تبدين بخير.
نظرت إليه بغير اقتناع فأكمل
ربما أحد الأدوية سبب لك أعراضا جانبية.
وجهت حينها بصري إلى فيجو ولومته بنوع من المزاح الثقيل
لم أعرف المړض إلا في بيتك زوجي العزيز.
رفع حاجبه مرددا باستنكار
حقا
أكدت له بنظرة ذات مغزى
ألست من جعلني أقبل على تناول الدواء
استأذن الطبيب بالذهاب بعد انتهاء مهمته وشعوره بالحرج فهمهمت في تهكم
جلس فيجو على مسند الأريكة متسائلا في نبرة هازئة
أتقولين أني من أقودك للجنون
لم أحبذ الدخول في جدال معه فقلت وأنا أهب واقفة
لا يهم سأذهب.
نهض بدوره واعترض طريقي قائلا
لا داعي من الأفضل أن ترتاحي.
تجاوزته هاتفة بتصميم
أنا بخير الآن كما أني بحاجة لذلك.
سبقني في خطواتي ليقف قبالتي نظرت إليه بتحير فوجدته يمرر راحتيه على جانبي ذراعي مغمغما في اهتمام لا يمكن إنكاره
اكتفيت بهز رأسي وودعته متجهة نحو الباب لكن قبل أن أضع
________________________________________
يدي على مقبض الباب وأغادر أعاق سيري وأرسل من عينيه نظرة احتوت على الكثير من المشاعر المهمة وقتئذ ناظرته بتحير وتساءلت
ما الأمر الآن
أسبل عينيه ناحيتي ليأسرني بنظراته الساهمة لم أعد أشعر بشيء سوى فيض مشاعره الجياشة وقتئذ وجدته يعترف لي بصوت هامس وبلا توقع
يتبع الجديد
الفصل الخامس والثلاثون الأخير
شعرت بقوة المحبة الطاغية تجتاحني وحلقت بوجداني إلى ما وراء الوراء كأني سافرت إلى فضاء بعيد كنت أهيم عشقا في نظراته أسبح ابتهاجا مع ابتساماته العذبة آملت أن حلمي البسيط تحقق أخيرا لكن قساوة الحياة سلبتني اللحظة المميزة لم أكن قد استفقت بعد من غيبوبة المشاعر الحسية العميقة حتى وجدت فيجو قد تحول للنقيض إنسان آلي صلد متحجر القلب وغير لين الطباع. تركني وأنا بحاجة لضمته أبعدني عنه ليلبي نداء عمله غير مبال بحالتي النفسية المحطمة.
عندئذ فرت دمعة حبيسة من طرفي فما اعترف به وأنا في قمة استسلامي قد قيل على سبيل التسلية واللهو واللعب بمشاعري المرهفة هو فعل ذلك باحترافية مدروسة لئلا أضجره بكآبتي الزائدة عن الحد وأفسد عليه نهاره خاصة مع تعليمات الطبيب بالبعد عن الضغوط النفسية يتغير فهو لا ينتمي لفئة المؤمنين بالحب أو أي شيء له صلة بالأحاسيس والعواطف وما كان بيننا من انسجام واتفاق انقضى حيث عاد إلى ما كان عليه من الجدية والجمود.
جففت وجنتي بحركة سريعة من إصبعي قبل أن يلاحظ السائق حزني ورغم اختبائي خلف نظارتي القاتمة إلا أني شعرت بسهولة اكتشاف ما أمر به من ضيق وتعاسة الټفت أنظر إليه عندما تكلم في الهاتف
سنصل بعد قليل اتبعنا.
سألته بعد نحنحة سريعة
ما الأمر
أبعد الهاتف عن أذنه ونظر إلى انعكاس وجهي عبر المرآة ثم أخبرني في نبرة رسمية
لا تقلقي سيدتي أنا أعلم أفراد الحراسة بمسارنا.
منحته هزة من رأسي وأنا أرد
حسنا.
تابعت الطريق من زاويتي بنظرات شبه شاردة كذلك ظللت فاقدة للتركيز معظم الوقت حتى وأنا مدعوة كضيفة استثنائية في حفل غداء السيدة كاميلا الصاخب اتخذت الصمت رفيقا بقيت هادئة شاردة تطرأ على ملامحي علامات العناء. دنت مني صاحبة المكان تسألني في اهتمام
هل أنت بخير
رفعت نظري إليها وقلت بابتسامة منمقة
نعم.
تأملتني بغير اقتناع لم تكن لتتركني أمضي دون أن تحصل على ما يشبع فضولها جلست إلى جواري بالحديقة وأردفت في مكر كأنما بهذا تحاول سبر أغواري
تبدو عليك التعاسة.
ادعيت كڈبا لأهرب من حصارها السخيف
أشتاق لعائلتي ولموطني.
تنهدت مليا وأبدت تعاطفا زائفا وهي تخبرني
كلنا مثلك تمر علينا لحظات لهفة وحنين.
أتبعت ذلك بمسحة رقيقة على كفي براحة يدها فابتسمت مجاملة وأرحت ظهري للخلف لأغوص في المقعد وأنا بالكاد أناضل لأبقى متجاوبة مع من حولي فقد تمكن الإنهاك من جسدي وجعلني
اندهشت كاميلا لسؤالي وردت بآخر في تحير
أي رائحة
أخبرتها وأنا أدور برأسي في المكان محاولة كشف مصدرها المنفر
أشم رائحة غريبة ومزعجة.
اتجهت أنظار كاميلا نحو الصغار الذين بدأوا في الركض من حولنا وهو يتناولون الشطائر ضحكت في لطافة لمرحهم الممتع وأخبرتني وهي تشير إليهم
ربما سكب أحدهم شيئا هنا سأطلب من الخدم تنظيف المكان وترتيبه...
ثم اقترحت علي حين وجدتني أضع إصبعي على أنفي لأقلل من هذا الشعور المتزايد
لما لا نجلس بمكان آخر
وافقت في التو ودون تفكير
حسنا.
نهضت من مكاني وأنا أوزع ابتسامات رقيقة على السيدات الجالسات في محيطنا إلى أن تخطيت الحديقة وولجت إلى داخل
البهو هناك زاد إحساسي بالانقباض والاختناق كما تضاعف الوخز في معدتي وراح كامل جسدي يتعرق وما زاد الطين بلة أن دوار عجيب لف رأسه وكاد يطيح بها. هرعت نحو أقرب قطعة أثاث أستند عليها استعدت توازني بعد لحظة ولكني ملت للأمام ويدي موضوعة على فمي تجشأت بصوت خفيض قبل أن أقول
لا أشعر أني بخير معدتي تئن من الألم.
لحقت بي السيدة كاميلا بدا القلق ظاهرا عليها علقت مشيرة بيدها
سآتي لك بدواء مناسب.
اعترضت في صوت واهن
لا أظن آ...
لم أتم جملتي بسبب رغبتي العارمة في التقيؤ سألتها بأنفاس غير منتظمة
أين الحمام هنا
أشارت نحو الرواق قائلة في خوف
هناك..
أمسكت بيدي وتابعت
سآخذك إليه.
كنت ممتنة لكونها تدعم مشيي غير المتزن سرت معها إلى أن وصلت الحمام حينها فقط أفرغت ما امتلأت به معدتي بدوت في حالة مزرية مقززة نظرت إلي السيدة كاميلا بقلق متعاظم وسألتني وهي تناولني المنشفة القطنية
يا إلهي سيدة ريانا هل أنت بخير
استندت على حافة الحوض وأبقيت على رأسي مطأطأ نظرت إليها بوهن ثم تكلمت في إعياء واضح
لا أعرف ما الذي يحدث لي!
تكرر الأمر من جديد وتقيأت پألم حتى شعرت بخواء معدتي غسلت بعدها وجهي واعتذرت عن الفوضى المقرفة التي تسببت بها تفهمت السيدة كاميلا وضعي الطارئ وعاونتني خلال خروجي من الحمام قائلة بود
استندي على ذراعي.
أصابني دوار أعنف فتشبثت بها لئلا أفقد توازني ثم قلت
أشكرك.
ذهبت بي إلى المطبخ فجلست بتؤدة على أحد المقاعد المرتفعة سألتني وهي تشير للخادمة بيدها
هل تعانين من البرد
هززت كتفي قائلة
ربما.
تحدثت بشيء إلى الخدامة بعدما اقتربت منها ثم عاودت الحديث إلي باهتمام
سأعد لك شيئا طبيا سيهدئ من اضطراب معدتك.
استحسنت اقتراحها وأرحت مرفقي على السطح الرخامي الذي أجلس ملاصقة له بدأت أسحب أنفاسا عميقة لفظتها على مهل حتى استعدت قدرا بسيطا من عافيتي جاءت إلي السيدة كاميلا وهي تحمل فنجانا خزفيا مملوء بمشروب عشبي أعطتني إياه قائلة ببسمة مهذبة
اشربي ذاك المشروب إنه جيد.
تناولته منها ورددت بعد زفرة بطيئة
لا أبدو بخير هذه الآونة.
ارتشفت القليل فكان المذاق قويا امتعضت ملامحي وأكملت رغم هذا تجرعه. رفعت نظري نحو السيدة كاميلا عندما خاطبتني في حرج
اسمحي لي أن أسألك شيئا خاصا.
أبديت ترحيبي قائلة
تفضلي.
بدت خجلى وهي تميل علي لتسألني بصوت خاڤت
هل تفقدت موعد زائرتك الشهرية
سعلت أولا من الصدمة واهتز الفنجان في يدي فتناثرت عدة قطرات خفضت يدي وحملقت ناحيتها وقد حلت بي صدمة لحظية ثم هتفت بغير تصديق
ماذا
تابعت بضحكة ماكرة وهي ترمقني بهذه النظرة الشقية
فإذ ربما يكون هذا...
قاطعتها في ذعر يدعو للريبة
لا يمكن أن يحدث.
أشارت لي بكلتا يديها وهي تستطرد باستغراب
اهدأي ذاك شيء وارد الحدوث بين الأزواج.
قلت في إصرار رافض
مستحيل.
شردت نظراتي عنها وأخذت أتكلم بصوت مهتز
أنا ألتزم بأدويتي و...
بهدوء واضح عليها قاطعتني سائلة
حسنا لكن هل تذكرين متى آخر مرة
رحت أفرك مقدمة رأسي لهنيهة ثم قلت بعد تفكير سريع
إنها غير منتظمة.
تحفزت في جلستي وسألتها
كيف
أشارت بسبابتها موضحة بتشوق مغاير للخوف الذي استبد بي
لدي هنا في حمامي بالأعلى اختبار الحمل المنزلي عادة احتفظ بمجموعة في حال أن أصابني الشك سآتي لك بواحد.
لم تترك لي المجال للاحتجاج انطلقت في التو تجاه الدرج لتحضره فوضعت يدي أعلى رأسي أدمدم في توجس شديد
اختبار حمل منزلي! يا إلهي أرجو ألا يكون ذلك صحيحا.
شبكت كفي يدي معا ودارت برأسي كل الهواجس والخواطر غير المحمودة اعتصرت ذهني اعتصارا لأتذكر متى زارتني ضيفتي الشهرية فلم أتمكن من تحديد الموعد بدت كل الشواهد تشير إلى احتمالية حدوث الحمل خاصة مع
وجود بعض الأعراض الفسيولوجية التي كنت أتجاوز عنها حيث ظننتها ترجع لحالتي النفسية المتقلبة. عادت إلي السيدة كاميلا بعد دقائق وهي شبه تقفز في خطاها أبرزت العلبة ڼصب عيني وقالت بحماس متقد
يمكنك استخدام هذه تصلح للاستعمال في أي وقت ونتائجها إلى حد كبير دقيقة.
أخذتها بتردد من يدها وتطلعت إليها في نظرة طويلة شاردة وجدتها تدفعني برفق نحو الحمام وهي تهمس لي
هيا سأنتظرك هنا.
همهمت بين جنبات نفسي وأنا أشعر بهذا الخفقان القوي في صدري
ليته يكون كڈبا!
اتبعت التعليمات المدونة على ظهر العلبة بالطبع كان الاختيار الأنسب للحصول على نتائج أفضل في مطلع النهار عند الاستيقاظ لكن لكوني على عجلة من أمري فاضطررت لاستخدامها بغير توقيتها الملائم لعل وعسى تأتي النتائج مثلما أرجو. نادت علي السيدة كاميلا من الخارج
عزيزتي ريانا...
بقيت صامتة أنظر إلى الاختبار بعينين متسعتين فظلت تسألني من خلف الباب الموصود
كيف الحال
قلت وأنا ألعق شفتي
لحظة.
في هذه الثواني الفارقة كان الفضول عاتيا سواء من ناحيتي أو من تجاه السيدة كاميلا كلتانا تريدان بشدة معرفة النتائج مع فارق ردود الفعل. حبست أنفاسي ووضعت يدي على فمي أنتظر مدلول الاختبار وعاصفة من الرهبة تنتظر الهبوب في أي لحظة!
التبلد اللا تعبير وأمارات الجمود كانوا ظاهرين على وجهي عندما فتحت باب الحمام سددت نظرة خاوية للسيدة كاميلا التي كانت لا تزال في انتظاري بتشوق أقبلت علي تسألني في لهفة وهي تضم يديها معا أمام صدرها
ما الأخبار
رفعت الاختبار في مرمى نظرها
متابعة القراءة