غير قابل للحب منال سالم

موقع أيام نيوز

نشاطي حينئذ اعتدلت في نومتي وأرجعت ظهري للخلف لأستند على عارضة الفراش 
وضعت يدي على مقدمة رأسي وتساءلت بإرهاق وبصوت شبه مسموع
ما هذا الصداع 
مددت ذراعي نحو درج الكومود لأفتش فيه عما يخرس هذه الطرقات العڼيفة ولساني لا يزال يتكلم
أشعر برأسي على وشك الانفجار 
وجدت شريطا مسكنا أفرغت منه قرصا وتناوله بقليل من الماء الموجود أعلى سطح الكومود دعكت عيني لأزيل آثار النعاس ثم تطلعت حولي فرأيت ما كان على الغرفة من عدم ترتيب افترت شفتاي عن صدمة عجيبة قبل أن أتساءل عاليا وأصابعي تتخلل خصلات شعري
ما الذي حدث هنا وما هذه الفوضى
اتجهت بناظري نحو الباب عندما ولج منه فيجو وهو يقول ببسمة صغيرة استرعت حيرتي
أخيرا استيقظت 
سألته وأنا أحاول التطلع إلى الساعة الموجودة على الكومود الآخر الملاصق لناحية زوجي من الفراش
ما الوقت
برقت عيناي في ذهول وهتفت من فوري عندما رأيت كيف تخطت عقارب الساعة الرابعة عصرا بقليل
يا إلهي هل نمت كل ذلك لا أصدق 
كانت من عادتي الصحية الاستيقاظ مبكرا لا أتجاوز حاجز التاسعة صباحا إلا في العطلات يمكن أن استيقظ قبل الظهيرة لكني لم أصل مطلقا لهذا التوقيت نظرت إلى فيجو مرة ثانية وهو يكلمني بشيء من التلميح غير المريح بعد أن خلع سترته مظهرا حامل أسلحته
بعد ما حدث بالأمس 
تجمدت نظراتي عليه متوقعة حدوث الأسوأ فاتسعت بسمته وهو يتم جملته
أظنك كنت بحاجة للراحة 
بلعت ريقي واستطردت قائلة في توتر خفيف
ملامح وجهك توحي بالكثير 
ظل يرمقني بهذه النظرات النافذة التي تجعلني أبدو في عينيه ككتاب مفتوح يسهل قراءته تنحنحت بصوت خاڤت وسألته
هل هناك ما لا أعلمه
تقدم ناحيتي ولم يبعد نظراته إلى أن وقف قبالة الفراش أحسست بازدياد سرعة دقات قلبي وبتغير شبه ملحوظ في أنفاسي خاصة عندما أوضح بعبثية جعلتني أرتبك بشدة
بل الأصح أن تقولي هل هناك ما لم تفعليه
شهقت أولا قبل أن أهتف مذهولة
اللعڼة يبدو أني أساءت التصرف 
لا أعلم إن كنت أتخيل سماعي لضحكة عابرة منه أم أن ذلك حقيقة لعقت شفتي وسألته
هل تجاوزت معك في الكلام أخبرني
جلس على طرف السرير قاومت بصعوبة تأثير ما يجتاح مشاعري من تلبك وارتباك من وديته ولطافته ورفعت نظري إلى فيجو وجدته ينظر مباشرة في عيني وقال في صراحة
حسنا
أنت كنت مختلفة كثيرا عن المعتاد 
وضعت يدي على
فمي أكتم شهقة
غادرة لأبعدها قليلا بعد لحظة وأنا أردد بذهول مصعوق
يا للهول!
تمسكت بيد مرتعشة نسبيا بطرف الغطاء وأصغيت إليه

________________________________________
وهو يتابع مؤكدا 
لن أنكر أني أحببت ذلك فيك 
صدمني اعترافه ورددت غير مصدقة ما أسمع
ماذا
الخيال الخصب يكفي أن تحفزه ببعض الأفكار العشوائية الثرية ليتحول من فراغ أبيض باهت إلى لوحة زاخرة بكل المثيرات والتناقضات تخشبت في موضع جلوسي وأخذت أنظر إلى فيجو في تحير متزايد ما الذي فعلته يا ترى ليبدو مستمتعا بهذا الشكل فقلت في تعجل لأنهي الحوار
حسنا هذا يكفي 
اقتحم عقلي ومضات مشوشة لبعض الأحداث المبهمة وقلت
لندع النقاش في هذا الأمر جانبا وأخبرني عن سيلفيا 
سألني في اهتمام
ماذا عنها
جاهدت ليخرج صوتي ثابتا وأنا أخبره
آخر ما أذكره أنها تمكنت من الإيقاع بي وحقني بالإبرة 
جاء رده هادئا
لقد تدبرت أمرها لا تقلقي 
سألته في لعثمة خفيفة وأنا أرمش بعيني
هل لا تزال حية
أومأ برأسه مجيبا إياي
نعم هي كذلك 
تنفست الصعداء لأني لم أحبذ كوني متورطة في التخلص من أحدهم فكيف يمكنني التعايش مع شعور الندم وعذاب الضمير انتبهت إليه وهو يكلمني بوعيد
المۏت راحة لا تستحقها ولن أمنحها لها بسهولة 
سألته في توجس حين طرأت تلك الفكرة المفزعة في رأسي
هل تحتجزها بالقبو هنا
راوغ في الرد قائلا بشبح ابتسامة
لا يهم أين هي في الأخير ستنال جزائها 
طلبت منه بوجه شبه عابس
كنت أبدو في تفكيري كطفلة ساذجة يسود أفكارها بعض الأوهام المفزعة للغرابة أمسك فيجو بوجنتي بإصبعيه وقرصها قليلا موبخا إياي
زوجة الزعيم لا تخشى أحدا وإن كان من الأشباح 
يبدو أن الضيق انعكس على تعابير وجهي فوجدته ينتقل مجددا للحديث عما لا أرغب فاستطرد
بالمناسبة أنت أردت التجول ليلا في الحديقة بأريحية تامة 
برزت عيناي بدهشة مصډومة ورددت بفم مفتوح
ماذا
لاذ بالصمت عن عمد لېحرق أعصابي من مجرد تخيل تنفيذي للفكرة المچنونة فألححت عليه متسائلة بارتباك جلي
لا تقل هل هل تركتني أفعل ذلك
بهتت ملامحي أكثر وقتما أكد لي مخاۏفي المحرجة
نعم 
دمدمت في خجل شديد
اللعڼة 
قبل أن تستبد بي الهواجس أوضح لي بمكر
لكن هنا في غرفتنا 
هتفت مكررة ورائه كأنما أتأكد مما سمعت
هنا ليس بالخارج أليس كذلك
منحني اهتزازة صغيرة من رأسه وهو يرد
نعم لم أكن لأتركك تفعلين ذلك 
انتفضت برجفة ملحوظة عندما وضع زوجي كفيه على جانبي كتفي يدلكهما في رفق بدا وكأنه يتودد إلي بلطافة غير معتادة وأكثر من اللازم رفعت نظري ناحيته ووجهي يشتعل خجلا حافظ على هدوئه اللعېن والمستفز وهو يخبرني
متلذذا بإحراجي
لا داعي فقد كانت ليلة غريبة 
ابتسم لي هامسا
وأرجو تكرارها 
ثم نهض من جواري قائلا
سأبدل ثيابي وأعود لعملي 
لم يضف المزيد وعاد في
لمح البصر إلى ما كان عليه من جمود وجدية
ظللت أتابعه بنظراتي المدهوشة إلى أن اختفى داخل الحمام وأنا أتساءل بلا صوت
ما الذي حدث للتو!
رمشت بعيني لمرات سريعة متابعة حديث نفسي المحير
هل هذا حقيقي أم أنها هلوسة ما بعد ليلة أمس
استنكرت ما يحل بي عندما يقترب مني وهتفت في غيظ من بين أسناني
كيف أستجيب لإشاراته بهذه الحماقة
عاتبت نفسي في حدة وبلا أن أصدر صوتا وكأن صوت العقل هو من يتحدث بداخلي
كيف أسقط في فخ الغرام
ارتميت على ظهري وحدقت في السقف مكملة توبيخي
ليتني لم أحب 
بترت كلمتي الأخيرة قبل أن أتمها صائحة في وجوم
لا لن أقول ذلك 
سرعان ما استحوذ علي التوتر وأنا أتساءل في اضطراب
أم أني فعلت!
اللمحات الخاطفة لهذه المشاهد غير الدقيقة التي أخذت تزور عقلي بين الفنية والأخرى أشعرتني بأن ما اختبرته معه كان مفعما بالعاطفة وغير زائف 
على غير المتوقع منه انشغل فيجو بالتواجد في القصر خلال الأيام اللاحقة حيث أصبح يعقد اجتماعاته الهامة بداخل غرفة المكتب كما راح يلتقي بقادة جماعته وأعوانه المخلصين فيه وكأنما قد جعل موطن خصوصيته مقرا لإتمام أعماله العالقة أما في المساء وعندما يخرج لمتابعة أمر ما فإنه يأتي قبل منتصف الليل رغم كونه معتادا على المجيء بعد ذلك لينام بالغرفة 
لم أكن أترك ذلك يحيرني كثيرا فعقلي قد أرهق من كثرة التفكير والتخمين لذا نظرت إليه متسائلة دون استهلال
لماذا أنت هكذا
سألني مستوضحا وهو يوسد ذراعه خلف رأسه
كيف أكون لا أفهم 
أجبته في صيغة تساؤلية
لما تعاملني بهذه الرقة لما أنت متواجد إلى جواري
كان جوابه كسؤال أيضا
هل هذا يزعجك
هززت كتفي معقبة
لا لكنه غريب أنت لست كذلك 
توقعت ألا يقوم بالرد لكنه باغتني وتكلم من تلقاء نفسه
حسنا لقد استقرت الأوضاع مؤخرا تمت الهدنة ونال كل منا ما يريد لهذا لم يعد هناك أي داع للمبيت خارج القصر 
وجدتني فجأة أسأله بنزق
وماذا عن البقية ألن ينزعجوا من غيابك
نظر تجاهي وقال
لا أكترث أو لنقل أني لا أهتم حاليا بالأمر 
شعرت بشيء يندلع بداخلي يأكلني بشراهة ويؤجج الحنق في نفسي بالكاد حاولت أن يخرج صوتي عاديا لا يشوبه ضيق وأنا أتساءل
مثلي
نظر إلي قائلا بهدوء
أنت زوجتي لا تقارني نفسك بالآخرين 
كرامتي كأنثى لم تسمح بتقبل البقاء على الحياد لهذا نفرت منه وأبعدت يده قائلة في تحفز
من السخيف أن أشعر بالغيرة 
أخبرني بتعابير وجه غريبة
مشاعر الغيرة غير صحية على النفس 
أضفت على ما قال وأنا أستلقي على ظهري
وغير صحيحة مع من لا يؤمن بالحب 
کرهت ما ينتابني من ضيق وحقد لتذكر حال زواجي التعيس معه بقيت أتكلم
بمرارة وصوتي قد بدأ في الاختناق
يكفي أن تنال ما تبتغيه لتشعر بتفوقك وقدرتك على التحكم في مصائر الآخرين 
لم أنظر ناحيته وأنا أكمل بصعوبة
أنت امتلكت كل جزء فيك بالفعل 
تابعت جملتي المنقوصة وأنا ألصق راحة
يدي بموضع قلبي
لكن ما بالداخل هنا لا يزال حرا غير خاضع لك 
رغما عني
طفرت دمعة متأثرة من طرف عيني لم أمسحها وواصلت الحديث في ثبات رغم الحزن المنتشر في نبرتي
فلا داعي لادعاء انجذابك المريب ناحيتي لتظفر بانتصارك اللحظي وتضمن بقائي هنا فأنا لن أخلط بين هذه الأمور 
أدرت رأسي تجاهه وختمت كلامي هاتفة
فأنت كما قالت لي شقيقتي سابقا غير قابل للحب 
ارتعش قلبي بقوة عندما حدجني فيجو بهذه النظرة القاسېة الخالية من العطف تلك التي جعلت أوصالي ترتجف أيضا ندمت على اندفاعي الأهوج في الإفصاح عما يجيش به صدري لكني أردت الٹأر لكبريائي المهان على يده نفض فيجو الغطاء بعيدا عنه استعدادا لنهوضه وقال في صوت آمر بعد أن استقام واقفا
اغتسلي وارتدي ثيابك سنخرج 
سألته بدهشة ارتسمت على تقاسيمي
الآن أيعقل ذلك
أتى رده حازما وقاطعا
نعم هيا 
من لهجته الصارمة أدركت أن أمره لن يرد ولن أتمكن من معارضته أو النقاش معه فقط كان علي اتباعه في انصياع وطاعة لأسلم من غضبته الوشيكة ترى أين سيصحبني في هذا الوقت المتأخر !!!
يتبع التالي
في هذه الآونة المتواترة علي بدت مشاعري متضخمة إلى حد غير مقبول مثير للمتاعب والقلق فالبسيط لدي أصبح كبيرا والطبيعي تحول إلى خارق ولا أجد إلى الآن تفسيرا لذلك يبدو أن رغبتي في سماع ما يثلج صدري قد بات مستحيلا وموجعا في نفس الوقت.
لماذا الوقوع في حب الشخص الخطأ مؤلما لهذه الدرجة ألا يمكن تجاوز تلك المشاعر الخانقة بسهولة توقفت عن إرهاق عقلي بما يؤرقه من أسئلة لا إجابات لها ونهضت من على الفراش لأهرع ناحية الحمام. بالطبع التأنق وارتداء الملائم من الثياب الرسمية في هذه الساعة المتأخرة لم يكن شرطا أساسيا للخروج لكون الأمر غير معد مسبقا اكتفيت فقط بارتداء زيا رياضيا مريحا من اللون الأبيض بعد أن تحممت في تعجل خرجت من غرفة تبديل الثياب ووقفت أمام تسريحة المرآة لأمشط خصلاتي سريعا دون أن أهتم بتجفيفها جمعتها معا في عقدة واحدة لتنساب على ظهري في شكل ذيل حصان رطب. نفضة خفيفة عصفت ببدني وفيجو يهتف من عند باب الغرفة
لا تتأخري أنتظرك بالأسفل.
التفتت برأسي لأنظر إليه وأنا أخبره
سألحق بك في التو...
رأيته يرمقني بهذه النظرة المطولة الغريبة لم تكن قاسېة ولا تحوي كرها بل مختلفة إلى حد كبير تدفعني لإبقاء عيني عليه طوال الوقت لعل في تحديقي أكشف السر الذي يناضل لإبقائه مدفونا في أعماقه. قبل أن يهم بالانصراف رفعت من نبرتي لأكرر عليه سؤالي الحائر
أين سنذهب
ما زال الغموض يحاوطه كليا وهو يجيبني
ستعرفين بعد قليل.
لم أسع للإلحاح
تم نسخ الرابط