أفاقة الطوفان
المحتويات
لم يكن يعلم أنها تتابعه دون أن يشعر و لكن سعاد و أميرة تتهامسان بضحكات خفية علي حال أبنائهم
تناول الجميع الطعام وجلسوا سويا حتى المساء إلا أن صعدوا إلى شقتهم
دلف أدهم لمنزله يتطلع له بحنين لكل ركن به ثم دلف لغرفته فوجدها كما تركها لم يتغير بها شىء حتي صوره مع فريدة و الجميع كما هي
حمل حقيبته ووضعها على الفراش وبدأ في إفراغها وضع الكتب مكانهم ووضع ملابسه بخزانته ثم دلف للحمام إغتسل وصلى فرضه
وصفف شعره ووضع عطره الفرنسي باهظ الثمن وخرج من غرفته
تطلع به والده بتعجب وقال
_ إيه ده انت لسه صاحي يا أدهم ده أنا قولت إنك زمانك نايم رايح فين كده
أجابه أدهم مسرعا
إبتسم جاسر بخبث وقال و هو يعود بعينيه للتلفاز
_ وهي النزلة للجنينة محتاجة الشياكة دى كلها
تنهد أدهم بإبتسامة ماكرة وقال
_ آه منك إنت يا حاج مش سهل برضه يالا شوية كده وهطلع
أخرج جاسر هاتفه من جيب جلبابه فإقتربت من أميرة و قالت بتعجب
أجابها جاسر وهو محتفظ بإبتسامته
_ إقعدى جنبي و انتي هتفهمي كل حاجة
عبث بهاتفه قليلا ثم وضعه علي أذنه حتي اتاه الرد فاجابه قائلا
_ و عليكم السلام
فسأله جلال بقلق
_ أيوة يا حاج اتفضل
_ بقولك يا جلال لو فريدة نزلت للجنينة لأى سبب دلوقتي يبقى
تعجب جلال من كلماته المبهمة فسأله مستفهما
_ مش فاهم حاجة يا حاج وضحلي
حتى وصل لمسامع الجميع صوت صافرة أدهم و التي كان دائما ما يستدعى بها فريدة منذ كانوا أطفال
إبتسم جلال وأومأ برأسه متفهما وقال
_ فهمت قصدك إيه ده أنا أتشرف يا حاج بيك وبأدهم
أجابه جاسر بسعاده و راحة و هو يطالع ابتسامة أميرة
إبتسمت سهى بعدما وصلت لمسامعها صافرة أدهم وقالت و هي تطالع حاسوبها
_ عودا حميدا يا أدهم ريما رجعت لعادتها القديمة أكيد فريدة هتجرى عليه دلوقتي
إنتظر أدهم خمس دقائق ولم تظهر فريدة ظل واقفا يتطلع لنافذتها ثم صفر مرة أخرى
إتجهت لنافذتها تطلعت للحديقة فرأت أدهم واقفا يطالع نافذة فريدة بترقب إشټعل الڠضب بداخلها أكثر وصفعت نافذتها بدأ القلق يتملك من أدهم فهل حقا لا ترغب في مقابلته بعدما سمعت سهى صافرته الثانية
علمت أن فريدة لم تنزل إليه تركت غرفتها وتوجهت لغرفة فريدة وجدتها مددة على فراشها وتضع سماعات الهاتف في أذنها
إقتربت منها سهى ونزعت السماعات عنوة حدجتها فريدة پغضب وقالت
_ليه البواخة دى يا سهي
فأصدر أدهم صافرة ثالثة ولكن هذه المرة بقوة إليها من الأسفل إتسعت عينى فريدة وإرتدت حجابا علي رأسها ووقفت في نافذتها وجدته يتطلع اليها مباشرة أشار إليها بإصبعه ان تنزل اليه
فأومأت برأسها موافقة
و ركضت لخزانتهابحماس و ابتسامة مشرقة
إرتدت حلة رياضية وردية وإرتدت قبعة صوفية علي رأسها وكوفية حول رقبتها و تطلعت بمرآتها لتطمئن علي هندامها
حدجتها سهى بتعجب وقالت بمكر عابث
_ يا دوب شاور لك نازلة تجرى أمال فين ده مش في دماغی عادی یعنی مش بفكر فيه
طالعتها فريدة بنظرات حانقة و لم ترد عليها وحملت كتاب من على المكتب
وخرجت مسرعة
أوقفها والدها مستفسرا
بمكر
_ على فين يا فريدة !
ازدردت ريقها بصعوبة وقالت بارتباك
_ ها لا یعنی نازلة الجنينة أذاكر شوية
ضحك جلال ضحكة عالية و هو يغمز لسهي التي جلست بجواره و قال مازحا
_ طب إبقى سلميلي عليه ما تنسيش اصله وحشني الشوية دول
رفعت حاجبها متعحبة وقالت بخجل
_ هو مين ده يا بابا !
إبتسم بهدوء وعاد بعينيه للتلفاز وقال بخبث
_ الكتاب اللى منزلك في البرد ده تذاكرى فيه تحت
ضړبت سهي ساقها بيدها و هي تقهقه بصوت عالي و قالت
_ قصف جبهة
تركتهما فريدة وخرجت مسرعة دون أي تعليق يذكر هبطت الدرج مسرعة وخرجت من المنزل تبحث عنه بعيونها و لم تجده في البداية
حتى تذكرت مكانهما القديم إتجهت لمكان خلف البيت به شجرتين قريبتين من بعضهما كأنهما تحتضنان بعض بأغصانهما المتشابكة
وجدته جالس على فرع الشجرة كما في الماضي القريب وكأنه مر زمن
طويل على آخر لقاء لهما هنا وهو يخبرها أنه سوف يتركها ويرحل
وقفت فريدة أمامه متصنمة تطلعت إليه بإعجاب فقد كان جذابا جدا وهو أيضا تطلع إليها بإعجاب رغم هيئتها الطفولية لكنه لم يعد يرى صغيرته الجامحة إنه يرى الآن معشوقته الساحرة
لم يدرى كم مر من الوقت وهو يتأمل حسنها إبتسم وأشار لها أن تجلس بجواره
إقتربت منه ببطء وجلست بجواره في هدوء محافظة علي مسافة بينهما
تطلع إليها بشوق والإضاءة حولهما تتلاعب بوجهها الرائع و الذي جعل قلبه يهفو إليها لم يستطع المقاومة أكثر ولاحق بعينيه تلك الملامح الناعمة
وقال بلهفة تلك الايام التي مضت و هو يتخيل ذلك اللقاء
_ وحشتيني
شهقت فريدة شهقة خفيفة و إبتسمت بخجل و قد صبغت وجنتيها باللون الأحمر وفركت أناملها ببعضهما من خجلها
شعر بإرتباها فإبتسم بإنتشاء وقال مسرعا
_ هتفضلى ساكتة كده كتير
ردت بصوت لا يكاد يسمع و هي تهز ساقيها بتوتر
_ أقول إيه مش عارفة !
عض علي شفته الفلي و اقترب منها قليلا و قال بمداعبة
_ قولیلی وحشتنى ولا ما وحشتكيش
زاد خجلها
أكثر و قالت بتوتر بادى في صوتها و توترها المبالغ به
_ عادی یعنی أكيد وحشتنى
باغتها قائلا بقوة
_ طب بصیلی
رفعت عينيها صوبه و تطلعت داخل عيونه لثواني سابحة في عتمتهم البنية الدافئة حاله لا يقل عنها فهما يحملان نفس العيون الواسعة البنية إقترب منها أكثر وأغمض عينيه ليشتنشق عطرها لاحظت إقترابه فابتعدت كانها تعدل من وضعية جلوسها فابتسم على حالتها و هو يهز رأسه و قال بصوته الذي اقل وصف لما تشعر به حين تسمعه انه يربكها و بشدة
_ مش متعود على سكوتك ده ده إنتى كنتى بتلفى ورايا في كل حتة وتقعدى تتكلمي وتحكيلي اللي حصلك واللي حصل وأنا مش موجود إيه القط أكل لسانك
ردت بثقة زائفة
_ لأ لسانى زى ما هو و طول اكتر كمان
حدجها بمكر بعدما استشف ثقتها الواهية فهو يفهمها أكثر من نفسها و ربما اكثر من امها وقال هامسا
_ صوتك وحشنى يا فريدة إتكلمي عاوز أسمعك
كلما سمعت صوته زادت دقات قلبها وزاد توترها فقالت في نفسها
_ وباعدين بقا أنا بترعش كده ليه زى الهبلة بس إيه بقا موز آخر حاجة لاحظ شرودها فطرقع بأنامله امام وجهها و قال بتعجب
_ های روحتى فين بس
إبتلعت ريقها و عادت من شرودها قائلة بارتباك
_ هاه انا معاك الأحسن تتكلم إنت وأنا هسمعك
فقال في نفسه وهو يتابعها بداخل عقله الذي سلبته وقلبه الذي ينبض پعنف
_ مش قادر بقا ھموت وأخدها في حضنى وأشم ريحتها سامحنى يا رب أنا لازم أكلم أبويا علشان نتخطب لأ خطوبة إيه كتب كتاب على طول ان شاء الله
لاحظت فريدة شروده فقالت بإندهاش
_ های روحت فين !
إنتبه من شروده على صوتها الرقيق فتنهد مطولا وهو يلتهمها بعيونه وقال بنبرة حانية قد خصصها لها وحدها
_ معاكي ومعاكي وبس إنتي عارفة يا فريدة كنت بتضايق قوى لما كنت بطلب أكلمك وإنتى ترفضي أو تتحججی باى حجة علشان ما
تكلمنيش انتي عملتی كده ليه
علت ملامحها بداية حزن فقال لها وهو يتطلع إليها پألم وقد أمسك ذقنها برقة وأدار وجهها إليه
_ إيه ده زعلانة مني قوى كده !
لم تتمالك عبراتها المكتومة وبكت وبكت بشدة أطبق على يديه وهو يمنع نفسه من إحتضانها
كفف لها دمعاتها وقال پألم و هو يتعمق بنظراته داخل عينيها متسللا لدخل روحها
_ خلاص إهدى
وأنا أسف لأنى كنت السبب في دموعك دى
أزاحت يده عن
وجهها و كففت هي عبراتها بينما رفع انامله الا فمه و لثم آثر دمعاتها علي يده ثم قال بنبرة عالية نسبيا
_ إنتي عارفة إنى عندى إستعداد أدمر الكون ده كله لو حد زعلك أو بهدل بس الهوا اللي حواليكي أقوم أنا اللى أزعلك طب أعاقب نفسي إزاى دلوقتى
إبتسمت بدموعها وقالت برقة
_ أنا اللي المفروض أعاقبك على فكرة
إعتدل في جلسته وقال مازحا
_ وأنا مستعد يا ستى يالا إعملي فيا اللى يريحك
تطلعت إليه بحنان وقالت
_ ما تهونش عليا
ضحك ضحكة عالية وقال وهو يقترب منها حتي كاد يلامسها
_ أيوة بقا وحشتيني مۏت
عاد إليها خجلها مرة أخرى وقالت وهي تعدل من وضعية قبعتها الصوفية بإرتباك
_ طب بطل بقا لهقوم وأسيبك والله
تنهد باسی بعدما أطرق رأسه قائلا بصدق
_ سامحيني يا فريدة والله كان ڠصب عنى اني ابعد عنك و لو ثانية واحدة
مطت فريدة شفتيها في تبرم وقالت
_ إضحك عليا بكلمتين زى زمان بس ليك حق ما برضه البنات هناك ما
تتسابش فلازم يبقى ڠصب عنك
تجهم وجهه وهو يسمعها ولكنه لم ينكر أنه سعيد بغيرتها عليه رفع رأسه نحوها وقال مسرعا
_ بنات إيه وبتاع إيه إنتي ما فارقتنيش ثانية واحدة أنا بحبك إنتي و قلبي و كل حاجة فيا ملكك انتي
إتسعت عيناها ووقفت من خجلها وقالت بتلعثم
_ أنا لازم أطلع اصل أشوفك بكرة
همت بالانصراف فاجتذبها من ذراعها وأدارها ناحيته وتطلع داخل عيونها وقد قرر ألا يرحم مقلتيه من تحديقه بها وقال بهمس
_ تتجوزيني يا
فريدة !
سمع شهقة لم تخرج من فمها إنطلق هذا السؤال فجأة ليجعلها ترفع رأسها كالسهم تنظر إليه متعجبة مما سمعت و كأنها تنظر منه تأكيدا علي مقاله لظنها انها تتوهم
ابتسم أدهم بخفوت و هو يطالع افترار فمها بإستثارة لاحظت إبتسامته و نظراته لها فزاد خجلها و أشاحت بوجهها بعيدا عنه
سألها مرة أخرى بجدية
_ تتجوزينی یا دودة
كان يعلم ان كلماته في الصميم و ستصيب قلبها مباشرة حيث و جدها ترمش بعينيها كثيرا و قالت بهمس خاڤت متحاشية التطلع بعينيه
_ وحشتنى دودة منك بس ممكن تسيبنى أطلع بابا هيزعقلي
وقف أمامها رافعا حاجبه بحركة كانت لا ټقاومها و ټنهار ضاحكة فإبتسمت وهي مطرقة رأسها وقد أصابتها لهفته و مزاحه أضاف هو غامزا إياها بمكر
_ اللى حاسه إنه عمى عارف إنك معايا و مش هيزعقلك هاه ماردتيش عليا و انا معنديش صبر
حاولت الثبات أمام نبراته الحانية
متابعة القراءة