أفاقة الطوفان
المحتويات
أمام شجرتهما وقال وهو يتأمل عينيها بحب
_ هي إيه حكاية الرحلة دى بالظبط يا فريدة !
زمت فريدة شفتيها بدلال وقالت بحنق
هيكون ليه يعنى حياة وحشتني مثلا فاعاوزة أقرب منها شوية في
مکان رومانسی زی شاطئ عجيبة أو صخرة ليلي مراد مثلا
إبتسم أدهم بخبث و إقترب منها أكثر و هو يقول بمداعبة
_ الله ده إنتى بتحبى حياة بقا
_ بحبها قوی یا أدهم بس تفتكر هي كمان بتحبنى زى ما بحبها كده !
حمل كفيها بين راحتيه و شدد عليهما قليلا متحكما في نفسه و قال بتنهيدة ساخنة متعمقا بعيونه في عينتاها
_ اللي أعرفه إنها بتحبك فوق ما خيالك يجيبك و فوق الحب بمراحل وإنتي عندها اللي جای واللى فات وكل حاجة
_ بتهيألي نروح نقعد معاهم أحسن و لا إيه
ترك كفيها وهو يشعر بالخجل من قبضه عليهما بهذا الشكل ومرر أنامله في شعراته وإبتعد قائلا و هو يتنحنح بإرتباك
_ أنا كمان بقول كده صحيح أنا أنا لاقيت شقتين يجننوا وقريبين من هنا وكنت عاوز نروح مع عمى نشوفهم
_ تمام إتفقوا على الوقت المناسب ليكم وأنا معاكم
عاد لمشاغبته قائلا بنبرة هادئة و ببطء شديد وهو ينظر إليها بتمعن
_ كويس وكنا عاوزين نقعد كمان شوية لوحدنا ضروری
قالها وهو يحدجها بلهفة جعلتها تبتلع ريقها بتوتر فقالت له بلوم
_ أدهم مش قولنا هنقعد معاهم
_ إنتى إفتكرتي إيه ده علشان القضية بتاعت الأغذية اوعى تفهميني صح
ضحكت بخجل وتركته وعادت تجلس مكانها ووجهها مزين بإبتسامة حالمة حتى إصطدمت نظراتها بنظرات عمر المتفحصة لها فإختفت إبتسامتها بسرعةو إبتعدت بعينها متطلعة باللاشىء
جلس أدهم مكانه مرة أخرى وهو يتطلع لفريدة بشوق فعادت لها إبتسامتها المشرقة مرة أخرى
_ بس عمر ده قمر ېخرب بيت جماله
فقالت سهى التي وصل لمسامعها كلمات مي و هي تخفي إبتسامتها
_ عندك حق يا ميوش ده مركز حلاوة قمر ولا عنيه الزرقا دى تجنن
رفعت فريدة عيناها بملل و قالت وتعابير الإشمئزاز مرتسمة على وجهها
_ والنبي نفسكوا حلوة ده رجالة المهدى اللي قاعدين قدامكم
عبثت حياة بأظافرها و قالت بخبث
_ صحيح قمر بس مش ملاحظين إن القمر ده ما شالش عينه عن فريدة ثانية غريبة !
أغمضت فريدة عينيها پغضب كأنها تعتصرهما وزفرت بضيق وقالت هامسة من بين أسنانها
_ بلاش أعملها معاكى يا حياة أنا طول الوقت بقربلك وبنسى مواقفك وكلامك المقرف بس لو زودتيها أكتر من كده همسح بكرامتك الأرض قدام الكل
أشاحت حياة بوجهها عنها فقالت مى لفريدة بخجل و هي تطالع أختها بضيق
_ سوری یا فريدة هي كده لازم تعكنن علينا و الا ما ترتاحش
إنتهت الجلسة وصعد الجميع لشققهم وغادر عمر بينما بقيت فريدة وأدهم بالحديقة جلسوا سويا لمناقشة أوراق القضية
إستمرت جلستهم لمدة ساعة فوقفت فريدة وقالت بإرهاق
_ خلاص تعبت كفاية كده النهاردة كان يوم متعب جدا
وقف أمامها يطالع إحمرار عينيها فقال بإشفاق
_ تمام يا حبيبتي نكمل بكرة إن شاء الله
حملت أوراقها وقالت وهي منصرفة بهدوء
_ يالا تصبح على خير يا أدهم
وقف أمامها بسرعة معترضا تقدمها وقال بتعجب
_ إيه على فين !
أجابته فريدة ببديهية
_ هروح فين يعني هطلع بيتنا
إستعطفها هامسا
_ لسه ما قعدتش معاكى النهاردة خليكي شوية علشان خاطرى
تطلعت إليه بجدية وقالت بإرتباك من تماديه معها بنظراته و كلماته
_ بقولك إيه بلاش سهوكتك دى أنا مش نقصاك
إقترب منها وقال بتنهيدة ساخنة و هو يبتسم برقة
_ أنا بتسهوك برضه فريدة
ردت عليه وهي ذائبة بصوته الناعم
_ أيوة
_ بعشقك
ونظر إليها مرة أخرى وعلى ثغره إبتسامة لم تزده إلا وسامة إرتبكت فريدة للغاية ونظرت إليه وشعرت
بأنها لا تستطيع التنفس
وضعت يدها على قلبها من آثر إنتقاضته القوية وقالت برعشة تملكت من كل أعصابها
_ تصبح على خير
تركته وإبتعدت كأنها ركبت الريح وهي تستجمع قواها قدر الإمكان بينما إستنشق أدهم هواء الليل البارد بلذة علها تسكن فؤاده
و جموحه بها
بعد مرور ثلاثة أيام إستعدت سهى لسفرها بعدما تركها سامح ورفاقه بمفردها بالمكتب لمدة ثلاث أيام مروا عليها شهورا وهي تنتظر دلوفه عليها المكتب طوال الوقت
ولكنه تفادى لقائها وآسر السلامة ببعدها عنه فتقدم مشاعره ناحيتها أقلقه
كانت
أسعد شخص بالدنيا عندما هاتفها اللواء فهمي يخبرها بأن تحضير نفسها للمعسكر
لا تعرف ما ينتظرها هناك و اكنها بسبيل رؤيته مجددا جنبت خۏفها و توجسها
تسوقت كثيرا وإبتاعت أي قطعة ملابس تشبه ملابس الجيش أو ألوان مشابهه له
جهزت نفسها بكل أسلحتها للحرب القادمة بينها وبينه فهي تعلم أن ما ينتظرها كثير سواء معه أو منه
بعد تناولهم الغداء ودعت سهي أسرتها والجميع غير مقتنع بفكرة سفرها
إحتضنتها سعاد وقالت بقلق
_ مش عارفة خاېفة علیکی لیه كده رغم إنها مش أول مرة تسافرى بمأموريات ربنا يحميكي يا بنتی
قبضت سهى علي قميصها من دبر و قالت بحنو
_ ما تقلقيش عليا يا ست الكل وباعدين دى رحلة زى رحلة فريدة كده
قاطعتها سعاد ورددت بصرامة
_ بس فريدة معاها كل العيلة إنما إنتي لواحدك يا عمري
إبتعدت سهى عنها قليلا و قبلتها بوجنتها طويلا و قالت بثقة
_ بس أنا بنت بمېت راجل وإنتى عارفة يا سوسو
تركتها وإحتضنت جلال وقالت و هي تستمتع بصوت دقات قلبه
_ هتوحشنی قوى یا جلجل
تطلع إليها بشوق و هو يقول بترفق
_ وإنتي هتوحشينى أكتر خلى بالك من نفسك وكلميني طول الوقت
إبتعدت عنه و طالعته قليلا ثم أومأت برأسها و قالت بإنصياع
_ حاضر يا بابا ما تقلقش
وقفت أمام مازن وقالت بعد أن طال صمتهما و هو يطالعها بعبوس
_ إيه هتفضل باصصلی کده كتير
رد وهو في قمة قلقه و عدم إقتناعه بفكرة تلك الرحلة الغير محدد مكانها و لا زمانها
_ مش مرتاح يا سهى بس هعمل إيه مافيش بإيدي حاجة غير إني أقف جنبك علشان ده شغلك و طموحك ربنا يحميكي ويرجعك بالسلامة يا قلب أخوكي
إحتضنتها فريدة من الخلف وقالت من بين دموعها
_هتوحشينی قوى یا سو قوى مش عارفة البيت هيكون إزاي من غيرك !
مسحت سهى على ذراعيها اللاتي يحاوطانها بنعومة وقالت پألم
_ وإنتى کمان هتوحشينى وهتوحشنی دوشتك يا عمري
إبتعدت عنها فريدة وإلتفت حولها و وقفت مقابلة لها و قالت بنبرة متحشرجة
_ خلى بالك من نفسك
مسحت لها سهى دموعها وقالت بابتسامة خاڤتة
_ حاضر يا حبيبتي
حمل مازن حقيبتها وغادر قبل أن تطاوعه عيناه و يبكي هو الآخر لوحت للجميع بيدها وقالت بنبرة مخټنقة
_ أشوف وشكم بخير
تركتهم وهبطت الدرج وهي مټألمة لم تنسي أن تودع الجميع بلا إستثناء
هبطت الدرج مسرعة وإتجهت لسيارتها الخاصة فتح لها أدهم باب سيارتها وقال بإبتسامة هادئة
_ فوق ما تتخيلى أنا فخور بيكى إزاى و واثق فيكي جدا ربنا يوفقك وترجعى منصورة وترفعي راس مصر كلها لفوق وراس كل البنات
إبتسمت بإمتنان و قالت بحماس و هي تمسح أنفها بمحرمتها
_ تسلملي يا أدهم يا رافع
من معنوياتي
إقترب منهم مازن وقال پغضب
_ مش كنا وصلناکی للمطار يا سهی كل اللي ده بيقلقني أكتر
أجابته بسرعة و هي تختفي من أمامه
_ السواق هيوصلني وباعدين لسه هروح الجهاز وهنمشى من هناك يالا أشوفكم بخير
لوحت لهم وركبت سيارتها بسرعة بعدما تجمعت في عينيها القويتين عبرات الفراق من جديد
قادت السيارة متحاشية التطلع بأحد ثم سمحت لدموعها بالهبوط وناجت ربها
_ يا رب وفقني وسبتنى وقويني على اللي جای وأقدر أوقع المجرمين دول بحق كل نقطة ډم سالت من شهيد سواء جيش أو شرطة أو مواطن عادی قدرني يا رب وإجعلنى سبب علشان يبقوا عبرة للعالم كله
وصلت أخيرا لجهازها فوجدت أحد الضباط بإنتظارها أشار لها بالجلوس في المقعد الخلفي بينما قاد هو
السيارة
كانت تتوقع أن يأخذها لمقر سامح و رفاقه و لكنها لاحظت تغير وجهة السيارة فسألت السائق بقلق
_ لو سمحت إحنا رايحين فين !
رد مسرعا بصرامة
_ هنروح مكان الإنطلاق يا فندم سيادة الرائد سامح في إنتظارنا هناك و هو اللي طلب مني أجي بنفسي لحضرتك
حركت كتفها مستسلمة و مجرد ذكر إسم سامح طمأنها بعد فترة طويلة وقفت السيارة ترجل السائق أولا ثم إلتف وفتح لها باب السيارة وكانت هذه آخر لحظات الترفيه
ترجلت من السيارة بقلق و أخذت تتطلع حولها بحذر فوجدت ماجد أمامها إبتسمت له فإقترب منها وقال مازحا
_ إيه الجمال ده كم إشتقت إليك يا سهى
فقالت بضحكة عالية و هي تجذب حقيبتها
_ ولغة عربية كمان كده كتير عليا والله
إنتهت لوجود حافلة كبيرة
فسألته بتعجب
_ ده الأتوبيس اللي هنركب فيه يا ماجد
أتاها صوت سامح القوى من خلفها قائلا
_ لأ ده إنتى هتركبيه مع المجندين
إلتفتت إليه بسرعة قاطبة حاجبيها بتعجب وقد تحول شوقها إليه لڠضب فقالت بتذمر
_ أركب إيه ومع مين !
حدجها سامح بقوة وقال بصرامة و هو يشير بأنامله شارحا
_ إنتى هتركبى الأتوبيس ده مع المجندين اللي هناك
سألته سهى بصوت متحير
_ وليه ما أركبش معاكم مش فاهمة
تابع سامح وقد زاد علو نبرة صوته
هو ده العدل إنتى متدربة زيك زيهم مش عاجبك إعتذرى
عن المهمة دى
تطلعت إليه بقوة و تحدى وقالت بإبتسامتها الهادئة الساحرة
_ تمام يا فندم
جذبت حقيبتها و توجهت ناحية الخافلة فأوقفها ماجد مسرعا و هو يقول
_ سبیها یا سهى وأنا هشتلهالك
أوقفه صوت سامح قائلا بحزم
_ لا يا سيادة الرائد هی هتشتالها و لا تشدها مالناش فيه
زادت إبتسامة سهى وجذبت حقيبتها ورائها ووضعتها بحقيبة الحافلة ثم صعدت الحافلة بقلق
تطلعت لهيئة المجندين الذين يطالعونها بتعجب و يتهامسون فيما بينهم ثم قالت بتوجس
_ های یا شباب
ساد الضحك لثواني فقطبت حاجبيها وقالت پغضب
_ بتضحكوا على إيه
أشار لها كبيرهم بيده أن تتقدم نحوه فإتجهت بالفعل نحوه فوقف وأجلسها بجوار نافذة الحافلة وجلس بجوارها فسألته پغضب
_ هما كانوا بيضحكوا على إيه مش فاهمة !
ضحك باستخفاف وقال
_ مش مهم إسمك حضرتك إيه يا فندم
تطلعت لملاحه الصارمة والمريحة بنفس الوقت بعينيه السوداء و بياضه المغطي بطبقة سمار مؤكد إستمدها من تعرضه للشمس فترات طويلة
أجابته بهدوء غريب إستمدته من نظراته الحنونة
_ إسمى سهى المهدى
مد يده إليها مصافحا وقال بإبتسامة لم ترى بنقائها من قبل
_ وأنا ظابط صف ریان
متابعة القراءة