أفاقة الطوفان
المحتويات
الطوفان الأول
طوفان الٹأر
جلس الأخوة الثلاثة في حديقة منزلهم المكون من ثلاث طوابق أو بالاحرى ثلاثة شقق لكل منهم شقة يقطنها مع أسرته
كانوا وما زالوا يدا واحدة منذ عزوفهم من صعيد مصر إلى الإسكندرية هربا من الٹأر الذي لم يكن لهم دخل به
إلى متى سنظل تائهين داخل دائرة الإنتقام والڼار رغم مرور السنين وتغير الأفكار والعادات والتقاليد إلا أنه ما زال هناك رواسب من عادات الماضي بداخل بعض النفوس
تابع الجميع إجتماعهم المغلق بقلق بالغ بعضهم فطن لما يتحدثون عنه و بعضهم تابع الأمر بقلق و توجز
إعتدل جاسر المهدى الأخ الأكبر في جلسته وقال بضيق و هو يدعس أطلال سيجارته بقدمه
_ یعنی خلاص كده اتفقنا لازم أدهم إبنى يرجع مصر بقا أمه هتتجنن عليه كفاية بعد لحد كده و احنا دلوقتي نقدر نحميه الحال اتغير
_ عندك حق يا حاج جاسر أدهم لازم يرجع أربع سنين كتير برضه بس إنت عارف إننا كنا خايفين عليه ولاد البردويلي كانوا ھيموتوه لو فضل في مصر رغم إن التار تارنا احنا بعد ما قتلوا أخوى عبد الرحمن يرحمه
أومأ جاسر برأسه مؤكدا بينما قال جلال المهدى أخوهم الأصغر بإبتسامة راحة و هو يستند بمرفقيه على الطاولة
قطع جاسر إسترساله بهمس وهو يتطلع حوله بقلق حذر
_ وطي صوتك يا جلال أصلى لو حد سمع ووصل الكلام للحاجة منيرة مراتي ھتموت من خۏفها على أدهم
اوما جلال برأسه بإنصياع قائلا
أوما جاسر برأسه مؤكدا وقال برزانته
_ ايوة
كلمته وعرفته كل حاجة وهو وافق وهيرجع في أقرب فرصة بس سفره ده نفعه كمل تعليمه وخد الدكتوراه وبقا محامي دولي قد الدنيا
إبتسم عثمان وقال بفخر
_ ربنا يباركلنا فيه هو وولادنا كلهم دول اهم حاجة في حياتنا
_ آمييين
وقفت فريدة في شرفتها تطالع هذا الحوار الساخن بتركيز التفتت داخل غرفتها وقالت مخاطبة أختها بتعجب مستتر
_ أموت وأعرف الإجتماع المغلق ده سببه إيه !
لم تعيرها أختها إهتمام وهي تتابع عملها على حاسوبها فالتفتت فريدة بكامل جسدها و قالت بضيق من تجاهلها لها
_ سهى سیبی الهباب اللي في إيدك ده وردى عليا
بفتور
_ يا ساتر على فضولك يا شيخة إنتي مالك أصلا يا فضوليه ولا علشان اجتماعهم ده بخصوص سی أدهم مش علي بعضك
تلعثمت فريدة في كلماتها و عقدت ذراعيها أمام صدرها و قالت متصنعة اللا مبالاة
_ أدهم إيه وبتاع إيه أنا أنا مش في دماغي أصلا علي فكرة
رفعت سهى نظراتها و تعمقت بعينيها و التي كانت تلمع بخبث و قالت بإبتسامة ماكرة
_ عليا انا برضه يا ديدة بصى لنفسك في المراية وشوفي شكلك بقا ازای بعد ما سمعتى سيرته يا قلبي
حدجتها فريدة بنظرات غاضبة وقالت بحدة
_ طلب قفلى على السيرة دى وبصى في اللاب اللي قدامك ده لأنك مستفزة و انا غلطانة اني بكلمك اصلا
ضحكت سهى بنبرتها الرنانة و قالت بحدة
_ ما أنا كنت باصة فيه و بشتغل وإنتي اللي نكشتيني مش انتي اللي نكشتيني و لا أنا بتبلى ليكي !
إبتسمت فريدة إبتسامة سخرية وعقدت ذراعيها امام صدرها و قالت بمزاح
_ أسفين على الإزعاج يا جينيس عيلتنا
ثم اعتدلت في وقفتها و سألتها بفضول من إنشغالها الجاد
_ قوليلي صحيح إنتي متكلفة بمهمة جديدة صح انشغالك ده مش طبيعي
نظرت لها سهي من فوق نظارتها وقالت بملل
و فقدان صبر
_ وإنتى مالك ما إنتي عارفة إن شغلى دايما سرى وللغاية كمان ولا عاوزة تترميلك في الحجز يومين علي تطفلك ده
ردت فريدة بازدراء و هي تلملم شعراتها پخوف مستتر
_ لا يا أختي الله الغنى اصلا اللي يشوفك كده يقول بكلم ظابط وأنا معرفش ده إنتي يا دوب موظفة في شرطة الچرائم الإلكترونية
حرکت سهى رأسها بعصبية وقالت مستهزئة بفريدة و بحكمها الواهي و جهلها بطبيعة عملها الدقيقة و الهامة
_ انا موظفة يا جاهلة مضطرة أشرحلك للمرة المليون يا أمي أنا معايا ماجستير في الكشف عن جرائم الإنترنت
عارفة يعني ايه !
لاحظت شرودها و التي تعرف سببه جيدا فوجود إسم أدهم حول فريدة بأي شكل من الأشكال كفيل بإرباكها و سعادتها و
حزنها و سوء حالتها مهما وارت بداخلها
لعنت سهى الحب و
من يحبونه و من يقعون به و حاولت لفت إنتباهها و هي تقول بنبرة عالية متذمرة
_ أنا مش عارفة باخد وأدى معاكي في الكلام ليه انا اللي غلطانة أصلا
خرجت فريدة من شرودها علي تذمرها بعدما انعقد حاجبيها و قد إغتاظت من رد سهى المتعالى وهتفت بإصرار شديد
_ إيه مش مالية عينك يا استاذة سهي ده انا كلها السنة دى واتخرج وأبقى محامية قد الدنيا
زمت سهى شفتها وقالت ساخرة و هي تستمتع بإغاظتها
_ عندك حق ده حتى المحاماة شغلة من لاشغلة له ده غير انك عاوزة تبقي زى حبيب القلب
ابتلعت فريدة ريقها بتوتر و قالت بتلعثم
_ حبيب ايه و قلب مين عيب كده علي فكرة
عادت سهى بعينها للحاسوب و هي تقول بمداعبة
_ داري يا قلبي مهما تداري قصاد الناس حبنا مكشوف
زمت فريدة شفتيها وقالت پغضب
_ کده یا سهي ماشی عموما خلاص خاصمتك
تنهدت سهى براحة وقالت الحمد الله و اخيرا هعرف أشتغل
سمعوا طرقات على باب الغرفة فقالت سهی بضيق
_ هو يوم مش فايت انا
عارفة إدخل
دلفت الغرفة مى إبنة عمهم عثمان وقالت بإبتسامة عذبة
_ وحشتوني یا قطاقيط جدا جدا
صاحت بها فريدة قائلة بفرحة
_ بكابوظة وحشتيني مۏت هي أمك خلاص فكت الحظر و سمحتلك تطلعي عند الاعداء اللي هما احنا و لا بلا فخر
أجابتها می پغضب مفتعل و هي تغلق باب الغرفة خلفها
_ يا بايخة مش هتبطلي بكابوظة دى بقا سوئتي سمعتی يا باي عليكي
إبتست سهى عليهما و هزت رأسها بيأس وهي تشير بيدها لمي ان تأتي و تجلس بجوارها علي الفراش قائلة بحب
_ تعالی یا میوش مالكيش دعوة بالبت دى والله وحشتيني جدا يا قلبي و افتقدت هزارك و دمك الخفيف الفترة اللي فاتت
جلست مي على الفراش بجوار سهی و هي تطالعها بإبتسامة متسعة و قالت بإمتنان
_ محدش بيرفع من معنوياتي غيرك إنتي يا سهى ربنا يخليكي ليا يا احلي بنوتة في العالم كله
سبلت فريدة عيناها وقالت مازحة بنبرة ساخرة
_ أجيب شجرة واتنين هوت شوكلت صحيح الحب ۏلع في الدرة
ضيقت سهى عيناها و نفثت پغضب و حملت وسادتها و قذفتها بها و هي تقول بحدة
_ اطلعي برة اوضتي يا بت إنتي يالا و ما تدخليهاش النهاردة تاني انتي سامعة
ارتسمت على وجه فريدة تعابير الضيق و هي تلتقف الوسادة و قالت
_ انتي بتتلككي اصلا علشان تطرديني يا سهي
وخزت مي سهي في ذراعها و غمزت لها بعينها و قالت بمكر عابث
_ سبيها يا سهي هي هتقضي اليومين دول علي حالتها دى علشان الجو بتاعها اللي راجع من السفر حقها
تعالت ضحكات سهي الرنانة و صفعا كفيهما ببعضهما و فريدة تتابعهما بحنق لتقول سهي مؤكدة
_ و الله عارفة و من الصبح شغالة تريقة عليها فرصتنا بقا
عقدت فريدة ذراعيها امام صدرها و قالت بعبوس بطريقة مسرحية
_ حتى أنتي يا بكابوظة كلهم خانوك يا ريتشارد
ساد الضحك لدقائق حتى قالت مى و
هي تطالع فريدة بجدية و بنبرة عميقة محذرة
_ ديدة يا حبيبتي أحب أقولك إن أمي وحياة مش هيسيبوه في حاله وهيرموا عليه شباكهم لحد ما يصطادوه وأدهم صيدة برضه تستاهل
صکت فريدة على أسنانها من الغيظ و قد احتدت نظراتها پغضب و قالت بضيق
_ وباعدين بقا في أمك الكركوبة وأختك اللعوبة هيفضلوا حاطني في دماغهم ليه نفسي افهم
إحتدت نظرات مى وقالت بحزن
_ إتلمى يا فريدة دول برضه أمي وأختي أنا بس قولتلك علشان تعملي حسابك و تخلي بالك
تعالت ضحكات سهى مجددا وقالت ساخرة
_ وإنتي يا هبلة أي حاجة تسمعها في بيتكم تيجى تقوليها يا فتانة أمك لو عرفت هترجع الحظر تاني و مش هتقدرى تطلعي هنا و هتتحبسي مع حياة و ده اكبر عقاپ لأي حد
لوحت می بيديها في الهواء بإستخفاف وقالت بلا مبالاة
_ يا ستي سبيها علي الله الحاج عثمان موجود و لسه ليه كلمة بالبيت و بيقدر يقنعها تسيبني اطلعلكم
صفعت سهي كفيها ببعضهما و قالت بتعجب
_ حتي ابوكي مسلمش من لسانك يا مي يا ساتر عليكي
وقفت مي و قالت و هي تتمطأ بكسل
_ هي الصراحة كده مش بتعجب حد لما انزل شقتنا بقا والله جعت جدا
زفرت فريدة پألم وقالت
بجدية
_ كفاية أكل بقا يا ميوش قربنا ندحرجك يا قلبي و هتتعبي و انتي لسه صغيرة
تنهدت مى بأسى وقالت بإبتسامتها العذبة
_ أعمل إيه منا بحب الاكل جدا زي ما بحب الواد ياسين ابن عمك بالظبط
طالعتها سهي بإشفاق للحظات ف مي من أطيب القلوب التي قد يصادفها شخص شخصية
ترفض الحزن او المواساة متصالحة مع نفسها بشكل يجعل الجميع يحسدها علي رضاها بالواقع
قطع تفكير سهي صوت فريدة و هي تقترب من مي قائلة
بمزاح
_ انا عاوزة اسألك سؤال واحد بس هيشوفك ازاي وإنتى كده هيشوفك من أى إتجاه وانتى الإتجاهات عندك كتير قوى
ضړبتها مى على
ذراعها وقالت بضجتها البشوش
_ يا بايخة عموما أنا هفضل وراه والزمان طويل يا انا يا هو يالا سلام یا قطاقيط
أرسلت لها فريدة قبلة بالهواء و قالت
_ سلام
تركتهما مي و نزلت لشقتها فرأت ياسين يخرج من شقتهم فلمعت عيناها بسعادة و صاحت به قائلة لإيقافه
_ سانسونتي إستنى وحشتنى قوى بقالی زمان ما شوفتکش
توقف ياسين امام باب شقته و هو يزفر بضيق وقطب حاجبيه وقال بحدة _ أعوذ بالله من الخبث والخبائث
هبطت الدرج مسرعة ووقفت أمامه و تأملته بإبتسامة بلهاء و قالت بهيام
_ أخبارك إيه وحشتني جدا
كز ياسين على أسنانه وقال ببرود و هو يطالع ساعة معصمه
_ كويس الحمد لله
حركت رأسها يمينا و يسارا و قالت بمداعبة
_ طب وأهرامك
رفع ياسين عينيه ناحيتها و هتف قائلا پغضب
_ مي هو إنتى موقفاني تحرقيلي دمي
تركها و ابتعدت ليهبط الدرج فأسرعت هي
متابعة القراءة