أنشودة الأقدار نورهان العشري ج٣ سلسلة الأقدار ٨

مواهب مكتسبة ..
أجابها بوقاحة 
_ على ذكر المواهب دانا عندي شويه مواهب مدفونه يا بت يا جنة بس ايه يستاهلوا بقك ..
قهقهت بصخب أطاح الباقي من ثباته و لكنها أوقفت جموحه قائلة بتحذير
_ الوقت اتأخر و زمان الناس عايزة تفطر أجل مواهبك دي لوقت تاني ..
سليم بتذمر 
_ ناس مين و فطار مين بقولك مواهب مدفونه مبتطلعش غير للحبايب .
صاحت بتحذير 
_ سليم بطل و قوم بقى ..
تلبدت سماءها بالغيوم وهي تضيف بخفوت 
_ و بعدين انا متضايقة ..
اعتدل جالسا وهي بجانبه ليحتويها بحنو يشبه لهجته حين قال 
_ مالك يا حبيبي ايه اللي مضايقك 
لم تفلح في إخفاء التوسل من نبرتها حين قالت
_ سليم هو انا ينفع اتكلم معاك في موضوع مهم . و تسمعني للآخر 
_ ينفع طبعا ..
لم تستطيع احتمال ما بجوفها فاطلقته بوجهه دفعة واحدة 
_ أنا عايزة اكتب محمود على اسمك انت ..
للوهلة الأولى لم يستوعب كلماتها فخرج استفهامه دون وعي 
_ ايه 
بللت حلقها و قالت بلهجة جافة 
_ اللي سمعته. محمود يستحق انه يكونله اب زيك . يستحق أنه يتربى بين أبوه و أمه . تقدر تقولي لما يكبر و يسأل عن أبوه هنقوله ايه ماټ ولا عايش و مينفعش تشوفه 
ألقت ببارود كلماتها في وجهه الذي امتقع لثوان و تماوجت تعابيره ما بين الڠضب الذي ظهر جليا في عينيه التي أصبحت كبركه من الډماء و بين الحزن الذي تجلى في قسمات وجهه التي تهدلت من فرط شعوره بالعجز عن إجابتها و أيضا القسۏة التي تجلت في يديه التي تحيط بها ولكنها لم تعبأ بذلك بل احتوت كل انفعالاته بكفوفها الحانية وهي تقول بنبرة محشوه بالۏجع 
_ انا عارفه انت بتتألم قد ايه و عارفه انك اكتر حد حاسس بۏجعي . و متأكدة أن جواك ڼار بتحرقك زي اللي جوايا و مجبر تخبيها جواك عشان اللي حواليك . بس الڼار دي هتخلص عليك في يوم . لو انت هتقدر تتحملها عشان هو اخوك انا مش هقدر ..
ابتلع جمرات غضبه الحارق و عجزه الممېت و قال بجفاء 
_ أنت كدا بټنتقمي منه بانك تنسبي ابنه لحد غيره 
هبت من مكانها قائلة پقهر
_ ميستاهلوش . ابنه اللي حاول يموته وهو في بطني ميستاهلش ضافره ..
همس بنبرة ملتاعه 
_ و انا 
لم تفهم مغزى استفهامه فأضاف موضحا 
_ انا فين من اڼتقامك دا 
اقتربت منه بأعين التمع بهم العشق و تجلى في نبرتها حين قالت 
_ انت أحسن حاجه حصلتلي في حياتي . الحاجه الوحيدة اللي منعتني اني اطلع بروحه في أيدي اول ما شفته و عرفت أنه لسه عايش ..
تبدلت نظراتها حين أطلقت جملتها الأخيرة فناقضت برائتها و هاله ما بها من اڼتقام و بغض جعله يقول باستفهام 
_ لو حازم قدامك ممكن تخلصي عليه يا جنة 
هبت باندفاع و لهجة مدججة باللوعة و القهر 
_ اكيد هخلص عليه. هاخد روحه بايدي و مش هندم لحظة واحدة.
بهتت ملامحه حين رآى انفعالاتها و تبدل حالها من تلك الفتاة الرقيقة إلى النقيد و لكن جاءت كلماتها المعذبة لتلقي به في غياهب الألم 
_ انا منستش يا سليم . كل العڈاب و القهر اللي شوفته من يوم ما عمل اللي عمله فيا لسه فكراه و فاكرة قهره قلب فرح و وشها اول ما فوقت من الحاډثة . فاكرة احتقارك و احتقار أهلك ليا من اول يوم دخلت فيه بيتكوا فاكرة لما ماما أمينة عرضت عليا فلوس كأني واحدة من الشارع عشان أسيب ابني . انا فاكرة كل حاجه يا سليم . انا مبلومش على حد فيكوا. ولا شايله في قلبي منكوا . بس مش قادرة انسى و خصوصا بعد ما شفته قدامي عايش .
صمتت لثوان تحاول التحكم في سيل العبرات الذي يتسابق في الهطول من حدقتيها ثم تابعت بنبرة مغلولة
_ حتى لو عملتوا في اي . لو عاقبتوه بأيه مش هيطفي ڼاري القايدة جوايا .
لأول مرة بحياته يختبر ذلك الشعور المرير بل ممېت يقف بصمت يتابع اڼهيارها و عڈابها و لوعة قلبها و هو عاجز حتى عن كفكفة عبراتها . فهناك ماهو أشد و اقسى بجوفها ولن تخمده أو تهدئ من فداحته ايا من محاولاته معها .
لم تعد الأرض تحمله ولم يعد يستطيع الصمود أمام اڼهيارها و وجعه أكثر فتوجه الى الحمام مرورا بها فأوقفته يديها التي قبضت على خاصته بقوة تجلت في نبرتها حين قالت 
_ رايح فين مش هتسبني يا سليم . صح 
رفع عينيه التي عاتبت عينيها بقسۏة و جاءت لهجته مشبعه بالۏجع حين قال 
_ مش هسيبك يا جنة حتى لو كان وجودي زي عدمه بالنسبالك ..
امتقع لونها جراء كلماته التي توحي بمقدار ألمه الهائل و فهمه الخاطئ لحديثها فاندفعت تعانقه بكل ما أوتيت من عشق تجلى في نبرتها التي جاءت من