عشق لا يضاهي أسماء حميدة ٢
رفعت مستوى الصوت إلى الحد الأقصى مما سمح لها بسماع بعض الأصوات المشتتة
بالمصادفة كان التلفزيون يعرض مقابلة مع دينا المطربة المشهورة بأغانيها العاطفية
جلست سيرين في محاولة للبحث عن بصيص من الراحة في كلمات وألحان أغانيها متمنية أن تجد في تلك النغمات ما ينقذ قلبها من براثن الوحدة
ارتجفت يدا سيرين وهي تمسك بجهاز التحكم عن بعد وكأنها تمسك على مشاعرها الجياشة
دينا ما زالت تحتفظ بجمالها وثقتها تقف أمام الكاميرات بكامل أناقتها مختلفة تماما عن تلك الفتاة الخجولة التي توسلت لعائلة تهامي لرعايتها
عندما سألها المحاور عن سبب عودتها إلى الوطن ردت بشجاعة
"عدت لأستعيد حبي الأول "
ازداد هطول المطر في الخارج كثافة وكأنه يعكس اضطراب مشاعرها
أغلقت سيرين التلفاز في حالة من الارتباك واتجهت لتنظيف بقايا الفطور وعندما وصلت إلى المطبخ اكتشفت أن ظافر قد نسي هاتفه التقطته بيديها المرتجفتين وبدأت تطالع الرسائل غير المقروءة على شاشة القفل
"أعلم أنك لا تحبها ماذا لو التقينا الليلة لقد اشتقت إليك كثيرا "
ظلت سيرين تحدق في الرسائل بلا تعبير حتى أصبحت الشاشة مظلمة مجددا
طلبت سيارة أجرة إلى مكتب ظافر وفي الطريق كانت تحدق عبر النافذة المطر ينهمر بغزارة وكأنه يرفض التوقف يعكس تماما حالتها النفسية المتردية
"السيدة سرين"
لم يعاملها أحد في محيط ظافر كزوجة له بل كانت مجرد عبء ثقيل على سمعته
عندما رآها ظافر تحمل له هاتفه عبس وجهه بتجهم
"ألم أخبرك ألا تحضري أغراضي بنفسك"
"آسفة نسيت "
منذ متى أصبحت ذاكرتها سيئة إلى هذا الحد
ربما أصابها الذعر بعد رؤية رسالة دينا وأصبحت تخشى أن يختفي ظافر من حياتها فجأة
قبل أن تغادر نظرت إلى ظافر بتوسل غير معلن ولم تستطع أن تقاوم فسألت بصوت متهدج
"ظافر هل ما زلت تحب دينا"
اعتقد ظافر أن سيرين تتصرف بغرابة في الآونة الأخيرة نسيانها المتكرر وأسئلتها الغريبة أثار استغرابه كيف لشخصية مثلها أن تكون زوجته
فأجابها بحدة غير مبالي
"إذا كان لديك وقت فراغ اذهبي وابحثي عن شيء يشغلك "
كانت سيرين قد حاولت من قبل العثور على وظيفة لكنها اصطدمت بجدار الرفض من والدة ظافر "شادية" التي وبختها دون رحمة
"هل تريدين أن يعرف الجميع
أن ظافر تزوج امرأة تعاني من مشاكل في السمع"
تخلت سيرين عن فكرة العمل وركزت على حياتها الباهتة ك"السيدة نصران" تعيش في ظلال الوحدة والصمت
جلست في المنزل وحيدة حتى حلول الليل والأرق يلتهمها من الداخل
رن الهاتف بجانب سريرها وكان اتصالا من رقم غير مألوف
ردت على المكالمة بصوت مهتز وجاءها صوت مألوف تخشى سماعه
"هل هذا سيرين ظافر مخمور هل يمكنك أن تأتي لاصطحابه"
وصلت سيرين إلى النادي لتسمع ضجيج الهتافات والسخرية العالية من الورثة الأثرياء داخل الغرفة الخاصة
"ظافر ألم تقل إنك عدت لتستعيد السيد نصران العزيزة بين ذراعيك هذه فرصتك الآن هيا أخبرها بما تشعر به!"
كانت دينا المرأة الجميلة ذات الشعبية الطاغية محاطة بالإعجاب أينما ذهبت حب ظافر الأول لذلك كان الأثرياء الشباب من الطبقة العليا يهللون لها ولظافر
دينا لم تتردد نظرت إلى ظافر بعينين لامعتين وقالت بصراحة
"أنا معجبة بك يا ظافر أرجوك كن معي مرة أخرى "
كان قلب سيرين يتقلص من الألم ترى حب ظافر يتجدد أمام عينيها وتشعر بالعجز والضعف يغمرانها وكأن كل قطرة مطر في تلك الليلة تعزف على أوتار قلبها المرهف
هذا ما وصل إلي أذني سيرين عندما وقفت عند باب الغرفة الخاصة
داخل الغرفة كان الجميع يضغطون على ظافر ليجيب دينا وكان طارق صديقه المقرب هو الأكثر صراحة بينهم
"ظافر لقد انتظرت دينا ثلاث سنوات ها هي عادت الآن لذا هيا أجبها!"
تجمدت سيرين في مكانها خارج الباب قلبها ينبض پعنف
وفي تلك اللحظة فتح أحد الرجال الباب
"السيدة نصران"