عن العشق و الأسر و ما بينهم نورهان العشري قيثارة الكلمات ٢

موقع أيام نيوز

أوقف سيارته بمنتصف الطريق وهو يهرول للحديث معها فقد كانت هي . نعم لم ينسى عينيها ولا لون شعرها الذي يشبه الشيكولاتة الذائبة ولكن ما أن قطع الطريق وسط صيحات الاعتراض والسباب من الناس حوله كانت قد استقلت الحافلة التي انطلقت تشق طريقها بين الزحام فزل لسانه وأطلق مسبة بذيئة لاعنا حظه العاثر الذي حال بينه وبينها فقد كان يفصله عنها بضع خطوات فقط. 
ارتفع رأسه ناظرا للأعلى وهو يحاول تنظيم أنفاسه الهاربة ولكن سرعان ما وقعت عينيه على لوحة كبيرة في البناية التي أمامه ف التمعت عيناه فرحا لم يكتمل بسبب صرخات الاعتراض من المارة والسائقين على تركه سيارته في منتصف الطريق ف تراجع إليها متجاهلا ما يحدث حوله وقام بصفها بجانب أحد الأرصفة متوجها إلى حيث يقوده قلبه.
في اليوم التالي ارتدت ثياب العمل وتوجهت بخطى مثقلة إلى مكان كانت تهرول إليه حتى تراه والآن تجر أقدامها جرا حتى تذهب إليه. كانت تعتقد بأنها تسرق من الزمن ذكريات جميلة تجمعها به و إذا بها تلقي بنفسها في فوهة چحيم الشوق الذي لا يهدأ أبدا فقلبها العاصي بعد أن كان أقصى طموحاته أن تراه من بعيد بات الآن لا يقتنع بهذا القليل وازداد جشعه للاقتراب منه ومحادثته التنعم باستنشاق رائحته العذبة التي كانت تود أن تخبئها بين رئتيها حين كانت بجانبه.
وصلت إلى مقر عملها وتوجهت إلى باب الخدم الخلفي فإذا بها تجد السيدة صفاء مديرة المنزل تناظرها پغضب ف زفرت بقوة قبل أن تتجه إليها فلم تطل الأخرى بل ناولتها ثياب العمل وهي تقول بترفع
_ ستنظفين الحظائر من الآن ولآخر الشهر وهذا عوضا عن طردك لانقطاعك عن العمل كل هذا الوقت.
أنهت كلماتها وشيعتها بنظرات متعالية قبل أن تذهب فلم تعترض ريم على هذا العمل الشاق فهي تريد أي شيء يشغلها عن التفكير في مأساتها التي تتلخص في عشق أهوج لا تعلم من أين ابتليت به 
بعد مرور نصف ساعة كانت منهمكة بعملها إلى أن وجدت ظلا كبيرا يخيم على المكان من خلفها فالتفتت لترى ماذا يحدث وإذا بها تتسمر مكانها وكأنها تمثال جميل نقش من حجر بينما كان قلبها يضخ الډماء بقوة في أوردتها وتعالت دقاته فدوى طنينها في أذنها كالطبول حين احتوت عينيها ذلك الجسد الضخم لمعذبها ومالك قلبها مالك الصياد الذي كان يناظرها بغموض تجلي في نبرته حين قال _مرحبا بسندريلا الهاربة.
انحبست الأنفاس بصدرها وجف حلقها حين رأته يقترب منها ف تراجعت للخلف ولم يكن أمامها مفر من المراوغة فقالت بحروف مبعثرة كحالها تماما
_ سيد مالك هل تريد شيئا
تابع اقترابه منها وعينيها تبحران فوق ملامحها بشوق لم تفهمه بينما أجابها باختصار
_ بلى.
أجابته بتلعثم 
_ما الذي تريده
اكتفى بكلمة واحدة حوت الكثير بين حروفها القليلة
_أنت..
لقد تعرف إليها وانتهى أمرها هكذا ظنت وبحركة غير مدروسة ألقت المكنسة من يدها وتراجعت للخلف تنوي الهرب ولكن هيهات فقد ضل وشقى قلبه حتى وجدها ولن يسمح بهروبها أبدا  
_هل تظنيني أحمق ل تهربي مني مرة ثانية
خرجت الحروف مبعثرة من بين شفتيها المرتجفتين حين قالت 
_ما.. ما الذي.. تريده مني
خاصتها تباطئت نظراته وأجابها بصوت أجش 
_أريد منك كل ما يمكنني أخذه.
غلفت طبقة كريستالية من الدموع مقلتيها اللتان اهتزتا تعلنان عن عاصفة هوجاء تهدد بالهطول تزامنا مع ارتجافة جسدها بقربه فتنبه إلى وضعها ومدى خۏفها منه ف تراجع قليلا للخلف ولكن يديه لم تتركاها وأردف بنبرة معاتبة 
_لم هربت يوم الحفل

تم نسخ الرابط