سجينة جبل العامري ندا حسن
المحتويات
ذلك الشخص المچرم.. أنه الجلاد والقاټل أنه القاضي المحتل الحاكم بالعدل.. الذي يسمع إلى الشكوى ويلبي الطلب.. أنه سارق الحرية وسجان الهروب أنه الذي يحبس التفكير والأنفاس وهوايته ترويض العاصي.. أنه جبل العامري
ما الذي تنتظر أن تعرفه بعد! إلى الآن لم تدرك ذلك جيدا إلى الآن تفكر هل هو ذلك الشخص أو لا ما الدليل الأكبر من كونه يقف يسلم الأسلحة بيده! يخرج كمية هائلة معبأة داخل الصناديق ستكون هي المدمرة لكل من وقع قتيلا بطريقة غير مشروعة..
رأته بنفسه ليس أحد غيره يقف بشموح وكأنه يدافع عن البلاد رافعا أنفه عاليا واقفا صلب شامخ! كيف له أن يكون هكذا وهو قاټل مچرم!
كيف له أن يكون واثقا من نفسه إلى تلك الدرجة
إنها إلى الآن لا تصدق ما تراه أعينها قلبها يقول شيء غير كل ذلك يملي عليها أنه شخص آخر حنون محب غدرته الأيام وذاق فراق الأحباب.. قلبها يقول أنه اشتاق وقټلته لوعة الاشتياق.. يخبرها أنه ليس بقاټل وليس بمچرم بل عادل حاد..
أليس كل هذا غريب أليس تفكيرها هذا غريب أليس عدم تصديقها بإجرامه بعد معاشرته هذا غريب!..
الآن ازداد إصرارها على معرفة ما يحويه قلبه ما يخبئه عقله عنها وما يدفنه أسفل أرض الجزيرة..
شردت تتذكر ما حدث معها وهي في الجبل ضيقت عينيها بشدة محاولة أن تصل إلى إجابة سؤال آخر.. من ذلك الرجل الذي كان يقف يقوم بتسجيل كل شيء كما كانت تفعل هي..
تلك الصدمات التي أتت واحدة تلو الأخرى أشعلت هواء العاصفة الهوجاء التي كانت خامدة داخلها غيرت مشاعرها بين يوم وليلة وشعورها الذي كانت تدركه جيدا أصبحت لا تعلم ما هو من الأساس وإلى أين يتجه.. جنون فضولها أوصلها إلى طريق أصبح مكشوف للغاية من ناحية ومخفي للغاية من ناحية أخرى.. وما توصلت إليه لم يكن إلا أنها خسړت حياتها السابقة وذكرياتها الراحلة وما لا تعلم عنه شيء هو مستقبلها المجهول كليا..
قلبك إناء كثرت به المياة الموضوعة فوق النيران ففارت وتناثرت حوله مخلفة من وراءها دمار غير طبيعيا.. هذا حال قلبك الذي خدع بالحب والغرام..
كما كل مرة تفكير لا حدود له وأسئلة دون إجابة ومازال الطريق مغلق الخيط كله لم تعثر ليه..
رفعت وجهها عندما شعرت به يفتح باب الغرفة يهم بالدخول نظرت إليه وهو يتقدم للداخل يغلق الباب ناظرا إليها بلا مبالاة وهدوء رسم على وجهه بحرافية..
جلس في مكانه على الفراش يعطي ظهره إليها يعبث بهاتفه لفترة ليست صغيرة تركه على الكومود ثم وقف متجها إلى المرحاض فباغتته بسؤالها
أنت كنت فين يا جبل
سألته دون النظر إليه وبقيت على وضعها فاستدار إليها يرمقها بنظرات ساخرة متحدثا
بتسألي ليه!
حركت وجهها ناحيته بعد أن دق قلبها پعنف توترت نظراتها نحوه وكانت ظاهرة بشدة ابتعلت غصة وقفت بحلقها وقالت
حرام السؤال
ضيق عينيه عليها يراقب حركاتها المتوترة قائلا ببساطة
غريب
سألته باستغراب غير مدركة أنه يتحدث عن سؤالها وقد اعتقدت أنه رآها ويراوغ في الحديث معها
ايه اللي غريب
أجابها وهو يتقدم منها ليقف أمامها فرفعت رأسها لتنظر إليه حيث أنها كانت جالسة على الفراش
السؤال.. أول مرة تسأليني كنت فين
انزاح القلق عن قلبها وارتخت أعصابها وهي تتحدث قائلة ببرود ونبرة عادية واثقة
اتعود بقى لما أسألك كل يوم..
مرة أخرى يسألها وعيناه متعلقة بعينيها السوداء
وده من ايه بقى
ابتسمت ساخرة وهي ترفع وجهها إليه تسأله بتهكم
هو أنت متعرفش
حرك رأسه نفيا ورفع كف يده إلى وجهها يسير بإصبعه عليه بنعومة ورقة
متابعة القراءة